ويؤكد مركز أمان أن الكثيرين كانوا يظنّون أن الحرب من شأنها أن تؤدي إلى إيقاف أحداث العنف والجريمة في مجتمعنا العربي أو إلى تراجع حدّتها، لكن الواقع يقول عكس ذلك. ويضيف مركز أمان في تقريره: قبل اندلاع الحرب كان المجتمع العربي بكافة أطيافه ومؤسساته يحتشد ضد الجريمة والعنف، من تظاهرات في الشوارع واستغلال لكافة المنصات الإعلامية المحلية والعالمية، كذلك العمل السياسي والاجتماعي الذي لا يتوقف في سبيل تطبيق الخطط الحكومية. كما وصلت أصوات المجتمع العربي إلى مكاتب أروقة الأمم المتحدة في مطالبة لحماية دولية لمجتمعنا. إلا أن الحرب الدائرة غيّرت مسار التحشيد، إلى خوف وقلق وعدم استقرار، وتحوّل التركيز من محاربة الجريمة والعنف إلى القلق حول حرية الرأي والتعبير والانتقام من المجتمع العربي بسبب أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وحول المقارنة بين أعداد ضحايا الحروب وضحايا الإجرام والعنف، يشير مركز أمان إلى أنه وفقًا لتقارير الأمم المتحدة, منذ عام 1946 أخذ العدد المطلق لوفيات الحروب في الانخفاض على الصعيد العالمي، بيد أن الجريمة تقتل عددًا من الناس أكبر بكثير من العدد الذي تقتله النزاعات المسلّحة. ففي عام 2017، أودت جرائم القتل بحياة ما يقرب من نصف مليون شخص في جميع أنحاء العالم، وهو ما يتجاوز بكثير عدد الذين فقدوا أرواحهم بسبب النزاعات المسلحة الدائرة، وهو 89،000 شخص، وإذا استمرت معدّلات القتل في الارتفاع بمعدّلها الحالي البالغ 4%، فلن تتحقق بحلول عام 2030 الغاية التي وضعتها الأمم المتحدة في موضوع تعزيز المجتمعات السلمية لتحقيق التنمية المستدامة، وتوفير الوصول إلى العدالة للجميع وبناء مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة وشاملة على جميع المستويات، وهي “الحد بدرجة كبيرة من جميع أشكال العنف وما يتصل به من معدلات الوفيات في كل مكان.”
ويختتم مركز أمان تقريره بتوجيه السؤال: في ظل هذه المعطيات، ماذا ينتظر المجتمع العربي في إسرائيل؟ حيث يرجّح مركز أمان أن تتفاقم وتستفحل الجريمة المنظمة في المجتمع العربي، مشيرًا إلى إن الوضع الحالي يهدد الاستقرار والأمان خاصة وأننا مقبلون على مرحلة صعبة جدًا في العديد من النواحي، الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية. وهناك لا بد من أن نسأل: كيف سنواجه التحديات القادمة؟ وما الخطوات التي يجب اتخاذها من قبلنا كمجتمع ومن قِبل الدولة ومؤسساتها حتى نحدّ من تصاعد الجريمة والعنف في المستقبل القريب؟.