في الوقت الذي تشهد فيه مدينة القدس المحتلة مزيدا من الهجمات المناهضة للاحتلال الاسرائيلي، فإن المزاعم الإسرائيلية بأن التحريض على شبكات التواصل الاجتماعي والتصريحات الفلسطينية والإسرائيلية المتشددة تزيد من الاضطرابات في المدينة، وعموم دولة الاحتلال، سواء ما تشهده جنين من مواكب مسلحة، والمظاهرات العارمة في نابلس، أما في الطور فإنها تشهد إطلاق المزيد من الأسلحة النارية، وفي العيسوية يتم مزيد من نصب الحواجز العسكرية.
ليران تمري مراسل صحيفة “يديعوت أحرونوت”، قدّر أن “شهر رمضان هذا العام الذي سيبدأ في 22 آذار/ مارس يرافقه حالة تأهب غير مسبوقة لدى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، في ظل المساعي الرامية لتهدئة المنطقة، لكن العمليات الفدائية المتواصلة، بجانب التصريحات المتشددة من السياسيين الإسرائيليين، وعلى وجه الخصوص وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ستؤدي في النهاية لاشتعال الواقع برمّته، في تذكير بما حصل في رمضان 2021، وانتهى بإطلاق الصواريخ على القدس المحتلة، وعملية “حارس الأسوار” وأعمال الاحتجاجات العنيفة في الداخل”.
وأضاف في تقرير ترجمته أنَّ “القدس المحتلة كعادتها تزدحم فيها الأحداث قبل كل شهر رمضان، والأمن الإسرائيلي مطالب بألا تهتز كل هذه الأحداث في توقيت محدد، ولذلك فإن المناقشات تدور حول هذا الموضوع، لا سيما داخل مجلس الوزراء استعدادا لشهر رمضان، وهدف المؤسسة الأمنية اتخاذ إجراءات صارمة ضد الهجمات الفلسطينية، على أن يكون العمل بطريقة لا تصعد التوترات على الأرض أكثر”.
ونقل عن أوساط أمنية أن “الخوف الإسرائيلي أن ما يحدث الآن ليس سوى مقدمة لما قد يحدث في رمضان، مع توفر ثلاثة عوامل تنتج أبخرة وقود متفجرة: أولاها الاشتباكات العنيفة بين الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس المحتلة، وقوات أمن الاحتلال، الأمر الذي من شأنه أن يسفر عن عمليات انتقامية، وثانيها الفوضى السياسية في إسرائيل، والتصريحات المهددة من السياسيين في السلطة، مما يخلق جواً من الخوف والاضطراب في شرقي القدس، وهو المكان الذي يخشى فيه الفلسطينيون إسرائيل أكثر، وثالثها تحريض الفصائل الفلسطينية على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى رأسها تيك توك”.
وأشار إلى أن “أجهزة الأمن الاسرائيلية تقوم على عمليات القضاء على المسلحين في المناطق الفلسطينية، وآخرها في مدينة أريحا، وفي إطار محاربة ما يحدث في شبكات التواصل، عملت الوحدة المركزية وجهاز الأمن العام-الشاباك في الأيام الأخيرة على تحديد العوامل المؤثرة التحريضية، فبعضهم سيتم اعتقاله، وتحذير بعضهم قبل الشهر الحساس، وقد أبلغت الشرطة عن أكثر من 100 عامل تحريضي كدرس مستفاد نتيجة لأعمال “حارس الأسوار”، بجانب تشغيل “قيادة الوعي” التي ستتعامل مع مراقبة المنشورات الإخبارية والمواد التحريضية على الشبكات”.
إيلان لوتان المسؤول السابق في جهاز الشاباك أكد أنه “سيكون من الصعب قضاء شهر رمضان القادم بهدوء، بل سيكون متوترا مع الكثير من المواجهات، آملا أن يتم إحباط كل المحاولات الفلسطينية التصعيدية، بحيث ستكون الشرطة جاهزة بالفعل بقوات كبيرة، لأنه في العام الماضي، كما نذكر، لاحظنا أن شهر رمضان مرّ بهدوء نسبي، بالتأكيد على عكس الشهر في العام الذي سبقه، ومع ذلك فقد تم اعتقال 781 فلسطينيا للاشتباه بالمشاركة في الاضطرابات، وصدرت أوامر بإخراج 222 آخرين من المسجد الأقصى، وتقديم 35 لائحة اتهام ضد المحتجين”.
من الواضح أن شرطة الاحتلال وأجهزته الأمنية، وكجزء من محاولة منع أكبر قدر ممكن من الهجمات الفلسطينة، التي غالبًا ما ينفذها مهاجمون مقدسيون، عززت قواتها في القدس المحتلة، ورفعت حالة التأهب قبل حلول شهر رمضان، وتخطط لإغراق شوارع وأزقة البلدة القديمة بآلاف ضباط الشرطة في مختلف الأحياء، وستعمل الوحدات الخاصة على زيادة الفرق الموجودة حتى تتمكن من توفير استجابة فورية للأحداث غير العادية والهجمات الفدائية.
تكشف هذه التطورات الأمنية المتلاحقة عن تشديد الاحتلال عند جدار القدس المحتلة، بينما تعمل قوات جيشه في الأراضي الفلسطينية ضد المنظمات المسلحة، مع الأخذ في الاعتبار مخاوف تصعيد الوضع، ولذلك فإنها ستجري تقييمات منظمة للوضع الميداني الأمني، ومن ذلك الحديث عن جملة خيارات من بينها زيادة جهود الشاباك وعمليات التفتيش الصارمة لأنه من الصعب أن يمر شهر رمضان بهذا البرود، وسط المخاوف الإسرائيلية المتصاعدة من الانفجار القادم.