الجمعة 13 يناير 2023 13:42 م بتوقيت القدس
على مرّ السنوات الماضية، نُشرت دراسات مختلفة تقول إنّ ثمّة صلة ما بين تقليل عدد ساعات العمل وانخفاض معدّل الانبعاثات، إذ توقّعت إحدى الدراسات التي أجريت على أكثر من 20 دولة حول العالم، منذ عام 1970 وحتى عام 2007، أنّه إذا تمّ تخفيض ساعات العمل 10٪ فقط، فقد يسبب ذلك انخفاضًا في معدّلات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 12٪، ويشرح الخبراء هذا الأمر، بأنّ التخفيض في ساعات العمل، سوف يجري تغييرات في التنقّل واستخدام الطاقة، بالإضافة إلى تغييرات في أنماط الحياة، حسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركيّة، وهو ما يردّده عدد من ناشطي المناخ منذ سنوات، والذي يفيد بأنّ تقليل عدد أيّام العمل إلى أربعة أيّام فقط، يمكن أن يكون له فائدة مناخيّة هائلة، بالإضافة إلى تحسين رفاهية العمّال.
وقال الرئيس التنفيذيّ للمجموعة غير الربحيّة "داي ويك غلوبال"، إنّ سياسة توزيع الأرباح هذه، يمكن أن تفيد الاقتصاد والمجتمع، والبيئة كذلك، وتقول الخبيرة الاقتصاديّة وعالمة الاجتماع في كليّة بوسطن، التي تجري أبحاثها في العلاقة ما بين العمل والاستهلاك وتغيّر المناخ، إنّ "الشيء الوحيد الذي نعرفه منذ سنوات من خلال البيانات والأوراق والدراسات المختلفة، هو أنّ البلدان التي لديها ساعات عمل قصيرة، تميل إلى أن تكون ذات انبعاثات منخفضة.
ومن جهته، يقترح المدير المشارك لمركز أبحاث الاقتصاد والسياسة مارك وايسبروت، أنّ هذا التغيير، من الممكن أن يقود إلى أسلوب حياة أقلّ استهلاكًا بالنسبة للعاملين، لأنّه سيكون لديهم المزيد من الوقت".
وفقًا لدراسة أجرتها وكالة حماية البيئة، فإنّه في عام 2020، شكّل قطاع النقل حواليّ 27٪ من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ في الولايات المتّحدة، وانخفضت الانبعاثات العالميّة بنسبة غير مسبوقة، إذ وصلت إلى 17٪ خلال جائحة فيروس كورونا، مع الإغلاقات العالميّة المتعلّقة بجائحة كورونا، حيث انخفضت الانبعاثات الناتجة عن قيادة السيارات والطيران والإنتاج الصناعيّ بشكل كبير، وهو ما انعكس على جودة الهواء في مختلف مدن العالم.
ووفقًا لورقة بحثيّة نُشرت عام 2006، فإنّه في حال تبنّي الولايات المتّحدة الأميركيّة لمعايير العمل الأوروبيّة، فإنّ البلاد ستستهلك طاقة أقلّ بنحو 20٪، وفي حال تخلّى الأوروبيّون عن أوقات العمل القصيرة، فإنّهم سوف يستهلكون 25٪ أكثر من الطاقة، ممّا سيزيد من الانبعاثات التي تؤثر في المناخ، وقال أحد المشاركين في كتابة الورقة البحثيّة "هناك علاقة محدّدة بين الإنتاج والاستهلاك وانبعاثات الكربون".
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2021، وجدت دراسة استقصائيّة، شملت 2000 موظّف و500 من قادة الأعمال في المملكة المتّحدة، أنّه في حال تقديم نظام عمل يعتمد على أربعة أيّام في الأسبوع، فإنّ تقليل الرحلات إلى العمل سيقلّل من السفر بشكل عام، بأكثر من 691 مليون ميل في الأسبوع الواحد. وأضافت الدراسة "لكنّ هذه الفوائد المناخيّة يمكن أن لا تحدث، في حال قرّر الناس قضاء أوقات فراغهم في السفر، سواء بالسيّارات أو الطائرات".
وكانت حكومة ولاية يوتا، قد أطلقت تجربة أسبوع عمل لمدّة أربعة أيّام بين موظّفيها عام 2008، وفقًا لما ذكرته مجلّة "ساينتيفك أميريكان"، وتوقّع أحد التقارير، أنّ إغلاق المباني يوم الجمعة، سيؤدّي إلى انخفاض ما لا يقلّ عن 6000 طن متريّ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويًّا، حيث يساعد ذلك على تقليل الاستهلاك، لكن يمكن أن يزيد استهلاك الطاقة بشكل عام، إذا كان الأشخاص يقضون أيّام إجازاتهم في منازلهم، فبذلك، سيستخدمون موارد أكثر ممّا لو كانوا في العمل.
دراسات عديدة كذلك تشير إلى أن تؤدّي ساعات العمل الأقلّ لـ"بصمة كربونيّة أكبر" بالنسبة للأفراد، لكنّ خبراء يرون إلى أنّ معظم الناس، من الممكن أن يتحوّلوا بهذا الفعل، نحو أنماط حياة أكثر استدامة. إحدى النظريّات المطروحة، هي أنّ الأشخاص الذين يعملون أكثر ولديهم وقت فراغ أقلّ، يميلون إلى القيام بالأشياء بطرق أكثر كثافة فيما يخصّ الانبعاثات الكربونيّة، مثل اختيار وسائل النقل الأسرع، أو شراء الأطعمة الجاهزة، ومن يعملون أقلّ، سيكونون عرضة للانخراط في أنشطة فيها انبعاثات كربونيّة أقلّ بالضرورة، مثل قضاء الوقت مع العائلة، أو النوم.
وقال أحد الباحثين، سام أوكنور "تتجمّع وجهة نظر الأغلبيّة حول فكرة أنّ العمل المكثّف، سيؤدّي إلى حياة مكثّفة بالضرورة، يمكن لمنح الأشخاص وقتًا إضافيًّا للعودة، أن يمنحهم ممن الحصول على المزيد من الوقت، لاختيارات نمط حياة مستدام".
وأضاف "عندما نتحدّث عن أسبوع العمل لمدّة أربعة أيّام، فإنّنا نركّز هنا على شيء ملموس، إنّه التحوّل من التركيز على العمل الجادّ، إلى التركيز على العمل الذكيّ، إنّه التغيير الثقافيّ في طريقة عملنا والتأثير الذي يمكن أن يكون على الطريقة التي نعيش بها، وأنا أعتقد، أنّ هذه هي الثورة حقًّا".