(قطعت جهيزة قول كل خطيب) وبات واضحا أن موعد انتخابات الكنيست الخامسة والعشرين سيكون يوم الثلاثاء الموافق 1/11/2022، وبات من الواضح أن هناك محاولات لإعادة جمع (القائمة المشتركة) و (القائمة الموحدة) في قائمة واحدة، ولا أدري ماذا ستكون نتيجة هذه المحاولات، وهل ستخوض هاتان القائمتان هذه الانتخابات القادمة في قائمة واحدة أم لا؟! ثم لا أدري هل ستقوم قوائم أخرى في الداخل الفلسطيني لخوض هذه الانتخابات القادمة أم لا؟! ومع ذلك بغض النظر عن عدد القوائم التي ستخوض هذه الانتخابات القادمة في الداخل الفلسطيني فقد رأيت من المناسب توجيه هذه الملاحظات:
1- سلفًا أؤكد أنني لست مع خوض انتخابات الكنيست، وقد بيّنت ذلك قولا وكتابة أكثر من مرة، ولا زلت عند هذا الموقف.
2- مع ذلك أتمنى على كل هذه القوائم التي ستخوض هذه الانتخابات القادمة أن تحترم عقول جماهيرنا في الداخل الفلسطيني وأن تراعي مشاعرها في هذه الأيام القريبة التي ستسبق يوم الانتخابات القريب.
3- من حق هذه القوائم أن تتمسك بموقفها المصر على خوض انتخابات الكنيست، ومن حقها أن تعرض برامجها الانتخابية، ومن حقها أن تصرّ أنه كان لها إنجازات في الكنيست وأن تتحدث عن هذه الإنجازات، ومن حقها أن تنتقد بعضها البعض.
4- ولكن من واجبها أن تُلزم نفسها أن تحترم عقول جماهيرنا في كل ذلك، فإذا ما أصرت على موقفها المتمسك بخوض انتخابات الكنيست، فالذي نتمناه عليها أن تقرّ سلفا أن هناك من جماهيرنا من يؤيدها في خوض هذه الانتخابات، وهناك من يعارضها ويرفض خوض هذه الانتخابات، فما أجمل أن تتواضع هذه القوائم وألا تواصل القول إنها تمثل كل جماهيرنا في الداخل الفلسطيني، لأن الحقيقة ليست كذلك، فكيف لها أن تمثل من يرفض- أصلا- خوض هذه الانتخابات، وكيف تُمثُل من يشارك في التصويت في هذه الانتخابات، ولكنه يدلي بصوته لقوائم إسرائيلية أخرى ذات مسميات مُدّعاة كثيرة، حيث يدّعي البعض من هذه القوائم الأخرى، أنّه من أقصى اليمين، أو من اليمين الوسط، أو من أقصى اليسار، أو من اليسار الوسط.. الخ، وذلك يجعلني أؤكد أن لجنة المتابعة العليا هي الوحيدة التي تمثل كل جماهيرنا في الداخل الفلسطيني.
5- والذي أتمناه على هذه القوائم أن تكون واقعية مع نفسها وصريحة عندما تعرض برامجها الانتخابية على جماهيرنا في الداخل الفلسطيني، فما أجمل أن تصارحها القول كاشفة لها عن حقيقة مُرّة مفادها أن هذه القوائم لم تنجز إلا الفتات الذي يكاد أن يؤول إلى الصفر منذ أول دورة خاضت فيها انتخابات الكنيست وحتى الآن. وما أجمل أن تقول لجماهيرنا إن قدرتها على انتزاع حقوقنا عبر انتخابات الكنيست هامشية جدا بناء على تجربة أربع وعشرين دورة انتخابية للكنيست، لأن وضعية الكنيست، وقواعد اللعبة فيها لا تسمح لها أن تكون ذات وزن نوعي وقدرة مؤثرة بهدف انتزاع هذه الحقوق. وما أجمل أن تكشف للجماهير أن الائتلاف الحكومي الإسرائيلي هو صاحب القدرة الوحيد على فرض مطالبه عبر الكنيست، ولا يزال هذا الائتلاف الحكومي يتصرف بعقلية اليمين، ويطبق قراراته بنفسية اليمين ويتعامل مع جماهيرنا في الداخل الفلسطيني بعصا يمينية غليظة، على مدار كل الدورات الانتخابية التي مرّت على الكنيست، وهذا يعني أن الكنيست كانت تنتقل طوال الوقت من ائتلاف حكومي يميني إلى ائتلاف حكومي يميني ثان ثم ثالث ثم رابع حتى آخر ائتلاف وقف على رأسه نفتالي بينت، فكلها ائتلافات حكومية يمينية واصلت جلدنا بسوط الاضطهاد الديني والتمييز القومي ومصادرة حقوقنا اليومية والتنكر لوجودنا كمجتمع فلسطيني يعيش على أرضه، واستباحة هدم بيوتنا ومصادرة أرضنا ومقدساتنا بشتى الذرائع.
6- وهذا يُلزم هذه القوائم التي ستخوض انتخابات الكنيست ألا تبيع جماهيرنا في الداخل الفلسطيني الوعود الوهمية، وكأن هذه القوائم عبر الكنيست ستستعيد أرضنا المصادرة، وستحرر مقدساتنا، وستحقق حق العودة على أرض الواقع، وستوقف اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على القدس والمسجد الأقصى المباركين، وستنتزع اعترافا بكل قرانا منزوعة الاعتراف في النقب والمثلث والجليل، وسترفع شبح القلق عن بلدة العراقيب مسلوبة الاعتراف التي تعرضت للهدم أكثر من مائتي مرة، وستقلع العنف من جذوره وستحيل بلداتنا في الداخل الفلسطيني إلى مراكز تجارية وورش صناعية نابضة بالحياة،!! نعم هذا ما كنا نقرأه حتى الآن في البرامج الانتخابية التي كانت توزعها علينا القوائم التي ستخوض انتخابات الكنيست، فآن لها أن تتواضع، وآنّ لها ألا تحرّض جماهيرنا في الداخل الفلسطيني على الجري وراء السراب. وآن للقوائم التي ستخوض انتخابات الكنيست أن تكون صريحة مع هذه الجماهير وأن تقول لها بلا تلعثم إن ما يمكن لها أن تنجزه لا ينجح أن يراه (مرصد هالي)، فما هو إلا فتات الفتات.
7- كما وأنّ هذا يلزم القوائم التي خاضت انتخابات الكنيست أن تكون شفافة مع نفسها، ثم مع كل جماهيرنا، وألا تحاول إظهار منجزاتها كأنها خارقة للعادة، وكأنها كانت على وشك أن تقيم دولة فلسطينية وعاصمتها القدس المباركة، وكانت على وشك أن تمسح كل مظاهر الاضطهاد الديني والتمييز القومي ومواصلة مصادرة أرضنا ومقدساتنا وهدم بيوتنا التي كنا ولا زلنا نعاني من ويلاتها منذ أكثر من سبعة عقود،!! نعم جماهيرنا في الداخل الفلسطيني ليست خارقة القدرات، ولكن لا يمكن خداعها بجرّة قلم أو حركة بهلوانية أو تغريدة في مواقع التواصل أو تدبيج جمل طنانة وهتافات رنّانة. وأنصح كل القوائم التي ستخوض انتخابات الكنيست ألّا تستخف بوعي هذه الجماهير، وقدرتها على التمييز بين التمرة والجمرة، وبين الغث والسمين، وبين الإنجازات والشعارات.
8- أتمنى على كل القوائم التي ستخوض انتخابات الكنيست ألا تستبيح لنفسها- تصريحا أو تلميحا- لغة التكفير أو التخوين أو التجريح إذا ما انتقدت بعضها، وألا تحوّل النقد المتبادل بينها إلى مناكفة قريبة من الشتيمة، وإلى توتير الأجواء وتطاول في الاتهامات وتراشق بالظنون وكيل بمكيالين وأكثر على حساب السلم الأهلي النسبي الذي لا يزال يخيم على مجتمعنا في الداخل الفلسطيني، وعلى حساب نسيجنا الاجتماعي الجريح أصلا، وعلى حساب بقية التفاؤل الذي لا يزال يحمله مجتمعنا في صدره.
9- أتمنى على كل القوائم التي ستخوض انتخابات الكنيست ألا تتعامل مع جماهيرنا في الداخل الفلسطيني بفوقية، أو بسياسة تكميم أفواه هذه الجماهير، أو بسياسة مصادرة حقها في توجيه نقدها للكثير من مواقف هذه القوائم، فمن حق هذه الجماهير أن تسأل علانية وبصراحة: من يتحمل تبعات توصية القائمة المشتركة على الجنرال غانتس رئيسا للحكومة؟! من يتحمل تبعات انضمام القائمة الموحدة إلى حكومة برئاسة بينت؟! من يتحمل تبعات تأييد بعض أعضاء الكنيست العرب من القائمة المشتركة للشذوذ الجنسي؟! من يتحمل تبعات بعض المواقف والأقوال الصادمة لعضو الكنيست د. منصور عباس؟! من يتحمل تبعة شرعنة البعض للتواصل مع صناديق دعم صهيونية أمريكية وتلقي الدعم المالي منها لتغطية حملات الدعاية لانتخابات الكنيست الثلاث الأخيرة؟! من يتحمل تبعة شرعنة البعض لتحويل أمريكا والكونغرس والمؤتمر الصهيوني الأمريكي إلى مربط خيلنا؟! من يتحمل تبعة المس بعصب ثوابتنا الإسلامية العروبية الفلسطينية التي قام بها البعض ممن انخرطوا في لعبة الكنيست سواء كانوا مرشحي عضوية أو داعمين بأصواتهم!! نعم من حق جماهيرنا أن تسأل هذه الأسئلة، وأن تصرّ على تلقي الإجابات الوضحة عنها.