الاربعاء 08 يونيو 2022 21:48 م بتوقيت القدس
منذ 405 أعوام، يطل جامع السلطان أحمد بوصفه تحفة معمارية عثمانية على مضيق البوسفور في الشق الأوروبي من مدينة إسطنبول التركية.
الجامع التاريخي يجذب عشرات آلاف السياح المحليين والأجانب سنويا، لا سيما وأنه أول المساجد العثمانية ذات المآذن الست.
ويقع الجامع في ميدان يحمل الاسم نفسه قرب متحف “آيا صوفيا”، ويشتهر بعمارته المتميزة، وهو من أهم وأضخم المساجد ليس في تركيا فحسب، بل في العالم الإسلامي.
بُني الجامع الشهير بعظمته ومهابته بطلب من السلطان العثماني أحمد الأول الذي تسلَّم الحكم بعد وفاة السلطان محمد الثالث بن مراد الثالث عام 1603.
وطلب السلطان أحمد من المهندس صدفكار محمد آغا، تلميذ المعماري العثماني الأشهر سنان باشا، بناء مسجد ومجمع إسلامي في عاصمته تقليدا لأسلافه.
وبحلول عام 1609 تم البدء بأعمال بناء الجامع، حيث شارك السلطان أحمد الأول في وضع حجر الأساس.
وأنفقت الدولة العثمانية مليونا و510 آلاف عملة ذهبية على أعمال البناء التي استغرقت 7 أعوام و5 أشهر و6 أيام.
وبمراسم رسمية شارك فيها أركان الدولة، افتتح جامع السلطان أحمد للعبادة يوم التاسع من يونيو/ حزيران 1617.
ورغبة من السلطان أحمد في أن يكون مسجده الأعظم والأكبر في السلطنة العثمانية جعله مطلا على مضيق البوسفور قبالة متحف آيا صوفيا، واستكمل بناءه قبل وفاته بسنة واحدة فقط ليوارى جثمانه في كنف المسجد.
ولم يقتصر الجامع عند بنائه على مكان الصلاة فحسب، بل ضم العديد من المرافق التعليمية والترفيهية والصحية والخدمية، وكل هذا وسط حديقة خضراء ذات مساحة شاسعة تزينها الورود الملونة.
وللجامع خمسة أبواب، ثلاثة منها تقود إلى صحن المسجد واثنان يؤديان إلى مكان الصلاة، وتتربع على قمته قبة رئيسية بارتفاع 43 مترا وقطر 23.5 مترا، وحولها ثماني قباب أصغر حجما.
ويحتوي القسم الداخلي لجامع السلطان أحمد على 260 نافذة من الزجاج الملوَّن، كما يضاء بكثير من الثريات القيمة المطلية بماء الذهب والأحجار الكريمة والكريستال.
ويطلق الأوروبيون عليه اسم “الجامع الأزرق” نسبة إلى اللون الأزرق الغالب على الزجاج والزخارف وإضاءة المسجد.
وتكتسي جدرانه الداخلية بأكثر من 20 ألف قطعة سيراميك منقوشة يدويّا باللون الأزرق وجرى جلبها من مدينتي إيزنيك وكوتاهية (غرب) في أكثر من 50 تصميما يحمل نقوشا مختلفة.
وعام 1985، أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) جامع السلطان أحمد على قائمة التراث العالمي، في خطوة عززت من أهميته السياحية والتاريخية على الصعيد العالمي.
ومنذ بنائه خضع الجامع لخمس عمليات ترميم، وتتواصل حاليا أعمال ترميمه للمرة السادسة والتي بدأت في يوليو/ تموز 2017 ومن المقرر أن تكتمل قريبا.
ويتميّز الترميم الحالي بأنه الأوسع نطاقا في تاريخ الجامع، ويتم بتبرع من رجل الأعمال التركي محمد يلدز.
وقال الكاتب والمؤرخ التركي ظفر بيلغي، في حديث للأناضول، إن منطقة السلطان أحمد ليست عبارة عن الجامع فقط، بل مجمع يضم العديد من المرافق الاجتماعية والتعليمية والدينية، والجامع أحد هذه المرافق.
وأضاف أن السلطان أحمد الأول، الذي استمر حكمه 14 عاما، أراد “ترك بصمة أبدية في هذه الدنيا الفانية، لذا أقبل على بناء جامع كبير وعظيم كهذا في منطقة هامة مقابل معْلَمٍ عظيم آخر مثل آيا صوفيا”.
وأشار إلى الإقبال والأهمية الكبيرة التي يحظى بها الجامع، معتبرا أن أحد أبرز أسباب هذا الإقبال هو موقعه في قلب إسطنبول.