بينما لا يزال ملايين الفلسطينيين يحتفظون بمفاتيح بيوتهم، مفاتيح عتيقة تعود لعقود من الزمن، غلب عليها الصدأ، تحمل آمالهم في العودة يومًا، لا يزال هناك الآلاف يتعرضون لتهجير معتمد من قِبَل السلطات في إسرائيل.

تذكر جيني نيمان الناشطة الاجتماعية، التي عملت في الضفة الغربية، في تقرير نشرته صحيفة ميدل إيست آي، أن من بين المدن، التي يتعرض أهلها للتهجير الممنهج، البلدة القديمة في عكا شمال إسرائيل حيث يُصارِع أهلها الفلسطينيون لإحباط محاولات مستمرة ومُتعاظمة تهدف إلى تهجيرهم من المدينة؛ من أجل إفساح المجال أمام المستثمرين الأثرياء، وإقامة المشاريع السياحية على حساب هوية وتراث البلدة القديمة، التي تعمل إسرائيل على طمس هويتها تدريجيًا.

يُعد ميناء عكا، الواقع على ساحل البحر المتوسط، أحد أقدم الموانئ في المنطقة، تعود جذوره إلى ما قبل 4000 سنة، وقد أدرجته اليونسكو عام 2001 ضمن التراث العالمي، بالنظر إلى تاريخه الأثري المُتراكم عبر حِقَب توافد عليها العرب والصليبيون والعثمانيون.

شُرد ثلاثة أرباع السكان الفلسطينيين، الذين كانوا يُشكِّلون غالبية سكان المدينة، خلال الاجتياح الإسرائيلي لعكا عام 1948، وظل مَن تبقَّى منهم داخل الأسوار التاريخية للمدينة القديمة يُعرَفون باسم «النازحين داخليًا»، متشبثين بمساكنهم رغم محاولة إجبارهم على ترك مدنهم وقراهم، إذ بلغ عددهم حاليا 1.5 مليون، ويحملون الجنسية الإسرائيلية.

خطط التهجير

بعد تهجير السكان من عكا في 1948، صادرت إسرائيل غالبية المنازل في البلدة القديمة، ووضعتها تحت سيطرة شركة عميدار الوطنية للإسكان، حسب ما ذكره المحامي جهاد أبو ريا مُتهمًا عميدار بلعب دور كبير في  تهجير السكان الفلسطينيين من المدينة القديمة.

فمن جملة الحيل التي استخدمتها شركة عميدار رفضها منح تصاريح للسكان الراغبين في إعادة إصلاح أو ترميم بيوتهم المُهددة بالخطر، وحتى عندما يحصلون على تصاريح، تكون مشروطة بتعاقد أصحابها مع شركات مُحددة تفرض عليهم أسعارًا باهظة، وفي نهاية المطاف، تُعتبر هذه المنازل «غير آمنة»، ويُطرد أصحابها منها لتُوضع لاحقًا في السوق الخاص بأسعار باهظة تفوق قدرة السكان المحليين، إلى جانب استخدامه حيلةً أخرى، تتمثل في تعمد عدم جمعه الإيجار من المستأجرين لعدة سنوات بغرض تراكم الديون على السكان الفقراء لدرجة عجزهم عن دفعها، وهو ما تسبب- حسب جهاد أبو ريا- في انخفاض عدد السكان في المدينة القديمة من 8000 إلى حوالي 3000 في السنوات الـ 20 الماضية.

وفقا للتقرير، لم ينجُ حتى الذين يملكون مساكنهم من الضغوط لإرغامهم على مغادرة البلدة، وفي ظل ارتفاع جنوني لأسعار العقار في المدينة القديمة، ومعاناة السكان المحليين من صعوبات اجتماعية واقتصادية، حيث يميل الكثير منهم إلى بيع ممتلكاتهم، خاصة مع شعورهم أن المكان لم يعُد يستحق الكفاح من أجله.

ووفقا للتقرير، تشمل خطط السلطات الإسرائيلية تطوير المحلات التجارية الراقية والمطاعم، وتحويل المواقع التاريخية مثل خان العمدان إلى فنادق فاخرة كبيرة، في تناقض مع حالة السكان المحليين، الذين يعانون سوء الوضع، ونادرًا ما يستفيدون من هذه المشاريع التنموية، وبدلا من ذلك يشاهدون عاجزين تراثهم وطريقة حياتهم تُصادر وتُضايق من قِبَل صناعة السياحة التي تسيطر عليها إسرائيل.

وبينما يستميت الفلسطينيون في التمسك بثقافتهم، تتعرض البلدة القديمة في عكا لتغيرات سريعة، جعلت أبا ريَّا يقارنها بيافا، وأن مستقبل عكا شبيه بمستقبل يافا، أي نزوح معظم سكانها العرب.

الكلمات الدلالية : الفلسطينيون, عكا, يتعرضون, لتهجير, متعمد, قبل, المؤسسة, الاسرائيلية,