نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أن ضربات القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، مليئة بالشوائب، ولم يعقبها أي إجراءات تأديبية.
وكشفت وثائق جديدة للبنتاغون تم الاستحصال عليها مؤخرا أن الضربات أوقعت آلاف القتلى المدنيين، بينهم أطفال كثر.
وأوردت الصحيفة أن مجموعة من الوثائق السرية التي تم الاستحصال عليها مؤخرا تتناول أكثر من 1300 تقرير عن الخسائر في صفوف المدنيين تقوّض ما تروّج له الحكومة عن حرب تُخاض بالقنابل الدقيقة.
وجاء في تقرير الصحيفة أن التعهدات بالشفافية والمساءلة بقيت غالبا من دون تنفيذ.
وتابعت الصحيفة: “لم يخلص ولو سجل واحد إلى خطأ ارتُكب أو إلى إجراء تأديبي”، مشيرة إلى أن هذا ما كشفه النصف الأول من الوثائق.
وفي حين سبق الإبلاغ عن عدد من الحالات التي أفادت بها “تايمز”، فقد أوردت الصحيفة أن تحقيقاتها أظهرت أن عدد القتلى المدنيين تم التقليل منه على نحو كبير.
ومن بين الوقائع التي أفيد بها، ضربات نفّذتها قوات خاصة أمريكية في 19 تموز/ يوليو 2016 استهدفت ما كان يعتقد أنها ثلاث مناطق في شمال سوريا يستخدمها تنظيم الدولة الإسلامية للتحضير لهجماته. لكن الضربات أسفرت عن مقتل 120 مزارعا وقرويا.
وفي مثال آخر، نفّذت ضربة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 في منطقة الرمادي في العراق بعد رصد رجل وهو يجرّ “غرضا مجهولا وثقيلا” إلى موقع تابع لتنظيم الدولة. وتبيّن في تقرير أعد بعد مراجعة أن الغرض كان طفلا قُتل في غارة.
وأشار التقرير إلى أن ضعف لقطات المراقبة وعدم كفايتها غالبا ما يؤديان إلى إخفاقات ينتج عنها سقوط قتلى من خارج نطاق الاستهداف.
وفي الآونة الأخيرة، اضطرت الولايات المتحدة إلى التراجع عن مزاعم بأن سيارة دمرتها طائرة بلا طيار في أحد شوارع كابول في آب/ أغسطس كانت محمّلة بقنابل.
وقد تبين لاحقا أن ضحايا الضربة كانوا عشرة أفراد من عائلة واحدة.
ويشير التقرير إلى أن كثرا من المدنيين الذين أصيبوا في ضربات أمريكية وبقوا على قيد الحياة يعانون إعاقات تتطلب علاجا مكلفا، وأن أقل من 12 منهم تلقوا تعويضات مالية.
وفي تعليق أدلى به للصحيفة قال المتحدث باسم القيادة الأمريكية الوسطى الكابتن بيل أوربان: “حتى مع أفضل تكنولوجيا في العالم، تقع أخطاء، سواء بناء على معلومات ناقصة أو سوء تفسير للمعلومات المتوفرة. نحن نحاول التعلم من هذه الأخطاء”.
وتابع: “نعمل بجد لتجنّب أضرار كهذه. ونجري تحقيقا في كل حالة ذات صدقية. ونأسف لكل الخسائر في أرواح الأبرياء”.
وشهد اعتماد الولايات المتحدة على الضربات الجوية في الشرق الأوسط تسارعا كبيرا في السنوات الأخيرة من عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، بعدما تضاءل التأييد الشعبي للحروب البرية التي لا نهاية لها.
ووصف أوباما المقاربة الجديدة القائمة على استخدام طائرات مسيّرة بأنها “الحملة الجوية الأكثر دقة في التاريخ” وقال إنها قادرة على إبقاء عدد القتلى في صفوف المدنيين في حده الأدنى.
لكن القوات الأمريكية نفّذت في خمس سنوات أكثر من 50 ألف ضربة جوية في أفغانستان والعراق وسوريا، وفق التقرير.
وأوردت الصحيفة أن مراسليها “زاروا أكثر من مئة موقع من تلك التي سقط فيها ضحايا وأجروا مقابلات مع عشرات من السكان الناجين ومسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين”.
وفي تموز/ يوليو الماضي، فاجأ طيار أمريكي سابق، خدم فترته العسكرية في أفغانستان، المتابعين لقصة تحويله للمحاكمة، بالأسباب التي ساقها أمام المحققين، لتبرير تسريبه معلومات عسكرية سرية.
واعتبر المحلل السابق في مخابرات القوات الجوية الأمريكية، دانيال هيل، أن “ذنبه” في المشاركة بضربات قاتلة لطائرات بدون طيار في أفغانستان، هو ما دفعه إلى تسريب أسرار حكومية حول برنامج الطائرات بدون طيار إلى الإعلام.
ومن المقرر أن يُحكم على هيل وهو من مدينة ناشفيل بولاية تينيسي الأمريكية، في المحكمة الجزئية الأمريكية في مدينة ألكساندريا بولاية فرجينيا، بعد إدانته بانتهاك قانون التجسس بتسريب وثائق سرية للغاية.
وفي رسالة مكتوبة بخط اليد من 11 صفحة من سجن ألكساندريا حيث يحتجز، كشف هيل أن ما دفعه إلى انتهاك قانون التجسس، هو ما شاهده من مقاطع فيديو “مروعة” لأفغان قطعوا إربا بعدما ساعد في عملية تعقبهم، وفقا لما نقلت وكالة أسوشييتد برس.
وقال هيل إنه عندما أرسل إلى أفغانستان عام 2012، فقد كانت وظيفته تعقب إشارات الهواتف المحمولة المرتبطة بأشخاص يُعتقد أنهم مسلحون من الأعداء. وأضاف: “لم يمر يوم بعد ذلك لم أشكك فيه في مبررات أفعالي”.
ونتيجة لذلك، فقد أجبره ضميره، بحسب تعبيره، على الكشف عن تفاصيل حول البرنامج لمراسل استقصائي التقى به سابقا.