الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد النبي الأُمّي وعلى آله وصحبه أجمعين،  فهو الذي اهتدى واكتفى واقتضى وارتضى وأبى إلا ان يكون من المسلمين وسلم تسليماً كثيراً وبعد...

أعمارُنا أعمالُنا، كَثيرٌ من عبادِ اللهِ وخلقه مَرُّوا وَقليلٌ مِمّن ذُكِروا، فلن تُذكر إلا الأعمال، إن ذكرنا أعماراً من خلق الله فإننا نذكُرُ صلاحَها واستقامتها وطيب أثَرِها ، كيف لا وقد نذرتْ تلك الأعمارُ الصادقة نفسها لله عز وجل نذراً صادقاً في خدمة ديننا وقضايانا ، الحاج عبد الرحمن نواطحة "أبا عاطف" عليه رحمة الله وغُفرانه، مُعلّمُنا ومُرشدُنا أبا عاطف لا يزال هو تلك الرئةُ النقيّة الزكيةُ التي نتنفّسُ منها نورَ الرباطِ في المسجدِ الأقصى المُبارك ونتعلّمُ منها معالم التضحية ، في ذكرى وفاتِكَ الخامسة لا يسعُنا إلّا أن نُجلّي هذا النموذج المعطاء في جوهر رسالتنا وقضيتنا وان ندعوا الله لك جزاك الله عنا وعن المسجد الاقصى المبارك خيراً ، مع ذكرى وفاتك الخامسة نقف ساعة تفكُّرٍ ومُحاسبةٍ مع ذاتنا تُذكرنا وتُنذرُنا بتقصيرنا في حق قبلتنا الأولى وقضيتنا المقدسة ، تعلمنا جوهر الرباط والتضحية في عقيدة الأقصى والمسرى ، لا ننسى تلك الهمّة العالية التي بلغت مُحيّاك، ولا ننسى تلك اليدانِ المُرتجفتانِ، ولا ننسى ملامِح الوجه الذي ارتوى منْ سُقيا الرباط وقد سقط حاجِباكَ على عَيْناك من الكِبَرِ والعَيْنان اللتان اتعبَهُما النظر في خُطاك في المداومةِ على مسيرة الحق في المسجد الأقصى المبارك والرباط فيه، فهي شهادة حقٍ بحقك ايها المُعلّم.

أبا عاطفٍ في أيّ كلامٍ نُرثيك ولمن نُرثيك وقد تعلمنا منك عقيدة الرباط والحب والعشق للمسجد الأقصى المبارك، عندما نستذكر المسجد الأقصى نستذكِرُ دائماً الحبيب محمد صلّ الله عليه وسلم، نستذكر الفاروق عمر رضي الله عنه ، نستذكِرُ الفاتح صلاح الدين، نستذكر فارس الأقصى في القرن الحادي والعشرين مُعلمنا أبا عاطف ، فحينما يُذكر أبا عاطف يُذكر المسجد الأقصى وحينما يُذكر المسجد الأقصى يُذكر أبا عاطف،  لا زلتُ أذكر حُضوركَ وترّدُدّك يوماً بعضَ يومْ في مكان عملي، جالستُكَ فكنت خيرَ جَليسٍ وواعظ ومُرشد، ارتوينا من عُمقِ تضحيتك، تعلمنا منك شرف الخدمة لأرضِ المسرى والرباط فيه ، تعلّمنا منك معنى التضحية والهمّة العالية في نُصرة الحق سبحانه وتعالى أنهُ لا مَرَضَ ولا كِبَرَ ولا عائقَ ولا قُعودَ ولا أعذارَ نُقدمها لانفسنا وخالقنا تجاه قافلة الحق والخير والرباط.

أبا عاطفٍ في يوم وفاتك وَقَفْتُ على جَنَباتِ الحَدْباءِ مُتأملاً بِرَحيلِ زَهرةٍ مِنْ عِطْرِ الرُجُولةِ نادِرِ، فارِسٌ لا تَسَلْ ما فارساً فِي عَقيدَةِ الْحَقّ لِلْأقصَى علمٌ يَتَصَدّرِ، لم تُفاكهك الأعذارُ عن هِمّةً بل أقعدتها بثباتك المُتوّسِمِ، هو أقصانا بقيعُنا وأمانة نبيّنا عهدٌ نتوارثُهُ سمعاً وطاعةٍ...

رحمك الله وتغمدك بواسع رحمته وعظيم امتنانه، جزاك الله عنا خيراً أيها المُعلّم - الفاتحة- 

صهيب هاني ناجي نمر خطبا  

5.2.2015   - 5.2.2020

الكلمات الدلالية :