الخميس 12 سبتمبر 2019 09:00 م بتوقيت القدس
كشف جهاز “الموساد” الإسرائيلي، تفاصيل جديدة عن حياة ومهام الجاسوس الإسرائيلي “الأسطوري” إيلي كوهن، الذي عمل في دمشق لسنوات باسم “كامل أمين ثابت”، قبل أن يتم إعدامه في ساحة المرجة بدمشق يوم 18 أيار/ مايو 1965.
وأوضحت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية، في تقرير أعده الكاتب رونين بيرغمان، أن الجاسوس الإسرائيلي الأكبر في دمشق، إيلي كوهن، لقبته أسرة الاستخبارات الإسرائيلية بـ”المقاتل 88″، مشيرة إلى أنه “بعد 54 سنة من القبض على الجاسوس الأكبر وإعدامه، انتهى مؤخرا جهاز الموساد من كتابة تقريرين شاملين عن نشاط كوهن”.
ويستند التقريران بحسب الصحيفة، إلى “آلاف الوثائق، التي تسمح بإطلالة مشوقة في داخل هذا العالم المهني المعقد، منذ اختيار كوهن وتأهيله وخلق الغطاء وتفعيله لهذا المقاتل الهدف، ليكون رأس حربة الموساد في دمشق”.
ونوهت “يديعوت” إلى أن “أجزاء واسعة من التقارير والصور النادرة من ملف تفعيل كوهن وصلت الصحيفة، وهي تسلط الضوء على القضية”، مضيفة أنه “هكذا يبدو إعداد وتفعيل الجاسوس كوهن، حتى اللحظة التي دقت فيه قوات الأمن السورية باب بيته في قلب دمشق”.
وفي إطار إعداد “المقاتل88″، تم نقل كوهن لمدة ثمانية أشهر (من أيار/ مايو 1960 وحتى كانون الثاني/ يناير 1961) إلى شقة عملياتية في تل أبيب، وهناك بدأ الموساد يعمل على صياغته (كتاجر سوري) في سرية تامة، حتى عن زملائه المقاتلين”.
وأكدت الصحيفة أن الذين كانوا يعرفون شخصية الجاسوس كوهن الحقيقة، هم “أقل من عشرة أشخاص”، منوهة إلى أن “القلائل الذين شاركوا في تجنيده وتأهيله، تحدثوا أن وداع كوهن لزوجته ناديا وابنته الصغيرة صوفي لم يكن سهلا”.
وأشارت إلى أن “زوجته لم تكن تعرف إلى أين سيسافر”، موضحة أنه “لغرض التغطية على مكان تواجده في الخارج، تقرر أن ينقل مندوب الوحدة الرسائل بين كوهن وعائلته، علما بأن معظم هذه الرسائل كتبت مسبقا، بينما كان كوهن لا يزال في إسرائيل، وكتب عليها تواريخ مختلفة”.
وكشفت أن “الجاسوس الإسرائيلي الأكبر، نجح في نسج علاقات مع أكثر من 50 مسؤولا سوريا خلال تواجده الأول في دمشق من كانون الثاني وحتى تموز 1962؛ حيث وردت أسماء هؤلاء المسؤولين في ملف الموساد الذي جرى الكشف عنه”.
وبحسب تقرير “الموساد”، كانت الشخصيات السورية “مصادر معلومات لكوهن، ساعدوه على التعرف على دمشق والانخراط فيها”، ونبهت الصحيفة أن “قائمة الشخصيات، كانت مثيرة للانطباع حقا، وتضمنت ضمن آخرين جلال السيد، الذي كان في الماضي نائب رئيس الحكومة السورية؛ ومعزة زهر الدين؛ وهو ابن اخت رئيس أركان الجيش السوري، الذي شغل لاحقا منصب حاكم لواء إدلب في الجيش السوري وآخرين”.
ونوهت إلى أن هذه “كانت هي جولة كوهن الأولى في دمشق، وكان يفترض أن تستمر ثلاثة أشهر فقط، ولكن كوهن طلب تمديدها، لأنه يصنع الكثير من المعارف ويشعر بسعادة”.
وفي أيلول/ سبتمبر 1964 أصبح لكوهن وناديا ابنتان؛ صوفي وإيليت، وكانت زوجته في أواخر حملها بابنهما شاي، بحسب “يديعوت” التي أشارت إلى أنه “اتفق على تمديد مكوث كوهن في البلاد (إسرائيل) كي يتمكن من المشاركة في طهور ابنه”.
وتابعت: “كانت الاستعدادات للجولة التالية له في دمشق اعتيادية، ووجهت التعليمات لكوهن بجمع معلومات عن محاور مختلفة في سوريا، ووضع خريطة لخطوط الهاتف، ومعلومات عن حزب البعث ومدى استقرار النظام السوري وغيرها”، مؤكدة أنه “لم تكن هناك أي مؤشرات، أن هذه ستكون هي جولة كوهن الأخيرة”.
وبحسب الصحيفة، “بدأت هذه الجولة مثل كل سابقاتها؛ سافر كوهن إلى أوروبا، وبدأ بإعداد التغطية لغيابه الطويل عن دمشق”، موضحة أن “مسؤوله شهد أنه غادر إسرائيل إلى دمشق، بمعنويات عالية، وحرص على أن يبقي رسائل وهدايا لعائلته”.
وفي رواية متناقضة ومختلفة عن رواية “مسؤول كوهن”، شهدت زوجته ناديا، أن “الجاسوس الأكبر”، قال لها خلال وداعها: “قدماي في النار”، منوهة إلى أن كلمات الجاسوس “تؤشر أنه كان يعتقد أن أحدا ما في سوريا كان يشتبه به”.
وبينت “يديعوت”، أن “البث الأول لكوهن من دمشق كان في بداية كانون الأول/ ديسمبر 1964، ومن البرقيات التي بثها حتى 20 كانون الثاني/ يناير 1964، البرقية رقم 29، والتي يمكن التأكد من خلالها، أنه واصل مهماته الاستخبارية، دون أن يرى حاجة لتناول أي مشكلة أمنية”.
وأوضحت في نهاية تقريرها أنه “في 19 كانون الثاني/ يناير وفي اليوم الذي يليه، بث كوهن برقية بلا مضمون؛ وهي إشارة أنه علق في ضائقة، وفي 26 من الشهر ذاته، بثت سوريا لإسرائيل برقية وحشية، فهم منها أن (المقاتل88) بين أيديهم، مقبوض عليه”.