الخميس 28 فبراير 2019 22:17 م بتوقيت القدس
كشف الخبير الإسرائيلي في الشئون العربية، آساف غيبور، عن معلومات جديدة تتعلق بالجاسوس اليهودي من أصول سورية، إلياهو شاشون، الذي عمل مبعوثا للوكالة اليهودية بفلسطين، لتنفيذ العديد من المهام الأكثر سرية”.
وأضاف في تحقيق مطول بصحيفة مكور ريشون، أن “من أهم هذه المهام التجسس على اجتماع شهده فندق دمشق بين ممثلي الحكم السوري مع زعماء القيادة العربية الفلسطينية قبيل اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى في الثلاثينات، بعد أن تسلل إلى الفندق، واستمع للمحادثات، ونجح بتسريب الخطة العربية الفلسطينية المقررة ضد الانتداب البريطاني، والييشوف اليهودي في فلسطين”.
وأشار إلى أن “إلياس-إلياهو شاشون من مواليد العام 1900 في حارة اليهود في وسط دمشق، أسس للبنية المعلوماتية الاستخبارية التي استخدمتها المنظمات الصهيونية في سنوات الثلاثينات والأربعينات، حين عين لاحقا رئيس القسم العربي في الوكالة اليهودية، وشكلت في حينه كنزا استراتيجيا للحركة الصهيونية آنذاك، ونجح باختراق الدوائر الضيقة للمجمعات والكيانات الأهم في العالم العربي، وإحضار معلومات ذات أهمية قصوى”.
وأوضح أن “المهام الأمنية الأولى للجاسوس شاشون تعتبر النواة لجهاز الموساد يؤسس عمله الاستخباري، وبفضله بات اليوم من أفضل أجهزة الاستخبارات على مستوى العالم، وبجانبه وحدة التنصت 8200 التي تعمل اليوم وفق أفضل التقنيات التكنولوجية المتطورة، وقد دأب شاشون على التنكر في كل مهمة ينفذها في دولة عربية، بما لم يترك خلفه أي آثار لتعقبه”.
الصحيفة تنشر مقتطفات من كتاب “المستعرب” الصادر لمؤلفه يارون ران، الخبير بتاريخ يهود دمشق، ويؤرخ لشخصية شاشون، ومما جاء فيها “نقل مبالغ مالية من الوكالة اليهودية لرئيس الحزب الحاكم في سوريا نصيف البكري، ورئيس الحكومة اللبنانية خير الدين الأحدب، كما تظهر مبالغ مالية محولة إلى موظفين يهود في فنادق لبنانية تنصتوا على رؤساء الحركة العربية الفلسطينية حين كانوا ينزلون في هذه الفنادق”.
وأضاف أن “شاشون تعقب الصحافة العربية العلنية، واستغل هو ورفاقه الأزمة المالية التي كانت تشهدها تلك الصحافة في لبنان وسوريا، من أجل شراء بعض الصحف والصحفيين بالمال، وفي السنوات الصعبة للثورة الفلسطينية الكبرى في الثلاثينات كانت بعض سائل الإعلام العربية مجندة لصالح الحركة الصهيونية”.
وأشار إلى أن “شاشون امتلك شبكة علاقات قوية مع مسلمين ومسيحيين في سوريا ولبنان والعراق، بعضهم تولى مستقبلا مهام قيادية ومناصب سياسية رفيعة المستوى، وحينها كان الشرق الأوسط يمر بمرحلة تغير دراماتيكي تمثل بانهيار الدولة العثمانية”.
وأكد أن “سنوات الثلاثينات كانت أجور الصحفيين العرب لا تتجاوز خمس ليرات عثمانية، وهو أجر منخفض كثيرا، لكن شاشون عرض عليهم مضاعفة أجورهم مقابل تقديم المساعدة من خلال قربهم من اللجنة العربية العليا، ولديهم شبكة علاقات ومعلومات عالية ومخططات العرب والفلسطينيين ضد التجمعات اليهودية”.
يكشف الكتاب أن “من بين الصحفيين الواردين بمذكرات شاشون: عبد القادر رشيد الكاتب بصحيفة الجامعة العربية ولقبه الأمني “عوفيد”، وتيسير دواجي صحفي من دمشق ولقبه “غاد”، كانا يجلسان باجتماعات اللجة العربية والمجلس الإسلامي الأعلى، ويستمعان لوجهات النظر المختلفة، وينقلانها مباشرة إلى شاشون”.
يسلط الكتاب على “شخصية الحاج المفتي أمين الحسيني أحد أعداء المشروع الصهيوني في فلسطين، وقد هاجمه شاشون كثيرا في الصحف العربية التي يكتب فيها في مصر ولبنان، لكنه نجح بعقد لقاء صحفي مع الحسيني في نوفمبر 1928 في مكتب المجلس الإسلامي الأعلى لمدة ساعة ونصف، فخرج شاشون بنتيجة مفادها أنه في ظل بقاء الحسيني على رأس القيادة الفلسطينية فلن يحصل أي تسوية مع اليهود”.
وأشار أن “عبد الله عبود الصحفي المقرب من التيار القومي السوري الذي حكم سوريا بين 1936-1939، زار فلسطين عم 1935، وجنده شاشون، وأبلغه عبود بتطورات الثورة الفلسطينية الكبرى التي انطلقت في 1936، وكشف له أن 400 رجل سوري وصلوا المحكمة الشرعية في دمشق، وطلقوا نساءهم، دليلا على توجههم للانضمام للثوار الفلسطينيين”.
يكشف الكاتب أن “شاشون أقام علاقة وثيقة مع الملك عبد الله الأول ملك الأردن، تحضيرا لانتهاء الحرب الأولى 1948، حيث اعتقل فيها 700 إسرائيلي من مواقع القتال في كفر عتصيون والقدس واللطرون، ونقلوا إلى موقع الأسر في منطقة “أم الجمال”، وقد أخذ شاشون على عاتقه مهمة إعادتهم، فتوجه للملك الذي دعاه لوجبة غداء في عمان برفقة موشيه ديان قائد لواء القدس آنذاك”.
وأشار إلى أنه “قبل سفرهما التقيا مع مدير عام مكتب المالية ومحافظ بنك إسرائيل مستقبلا، الذي استلم منه خمسة آلاف دولار لتقديمها هدية للملك، واجتمعا بالملك لمدة ثلاث ساعات، دون أن يذكرا بكلمة واحدة موضوع الأسرى، وفي نهاية اللقاء عانقه الملك بحرارة، وحينها همس في أذن الملك في موضوع الأسرى، وهو ما من شأنه تمهيد الطريق لمستقبل واعد بين الدولتين، الملك رد بإيجابية، والأسرى أعيدوا لإسرائيل”.
تختم الصحيفة بالقول أنه “بعد قيام الدولة في 1948، عمل شاشون رئيسا لقسم الشرق الأوسط بوزارة الخارجية، وملحقا بتركيا وسفيرا بإيطاليا وسويسرا، ثم عضو كنيست عن حزب العمل، ووزيرا للاتصالات والشرطة، وهو والد الدبلوماسي الشهير موشيه ساسون، الذي عمل سفيرا في مصر وايطاليا والفاتيكان”.