خاضت الأحزاب الثلاثة الأساسية أول أمس، الخميس، سباق المسعى الأخير لإعادة القائمة المشتركة، غير أن مخطط تفكيك المشتركة تغلب على أي مبادرة أخرى، بعد أن تمترس عضو الكنيست أحمد الطيبي وراء تحالفه الحديث بالجبهة الديمقراطية، وأصر على الحصول على المقعد الثاني عشر لمرشحته الثالثة في قائمته، مكان المرشح الثالث للتجمع الوطني الديمقراطي، والذي يشغله مازن غنايم، رغم تنازل التجمع منذ البداية عن تمثيله السابق في الدورة السابقة، وأبدت الجبهة الديموقراطية تنازلا عن المقعد الخامس، وكذلك أبدى د. منصور عباس الأول في الموحدة استعداده للتراجع للمقعد الرابع، على أن يتقدم الطيبي للمكان الثاني، ويحصل أيضا على المقعد العاشر لمرشحه الثاني، وعلى المقعد الرابع عشر، غير أن هذا العرض الأخير قوبل بتقديم القائمة الثنائية للجبهة والعربية للتغيير، رغم تحفز أيمن عودة لإعادة المشتركة، بل قبوله شراكة الطيبي مكرها.
ورغم أن مطلب الطيبي الأول كان رئاسة القائمة المشتركة، وضمان 3 أعضاء ضمن المقاعد الـ 12 الأولى، إلا أنه سرعان ما تراجع، وانضم بشروط أقل من هذه بكثير ضمن تحالفه مع الجبهة، الذي يضمن له في السقف الأعلى مقعدين، ودون رئاسة، علما أن رئاسة أي قائمة تقتضي أن يكون مرشحا في المقعد الأول، كما لم يشكل استلام الإسلامية رئاسة الكتلة في الكنيست عائقا للجبهة أو أي من الأحزاب الأخرى لإعادة تشكيل القائمة المشتركة.
ورغم ذلك لم تفلح كل الجهود في التوصل إلى تسوية اللحظة الأخيرة، حيث تولى إدارة المفاوضات الأخيرة د. منصور عباس والذي فاوض بدوره كلا من الجبهة والطيبي في أروقة الكنيست، غير أن إصرار الأخير على المقعد ال 12، مكان مازن غنايم، حال دون إعادة تشكيل المشتركة، علما أن وافق، ضمن تحالف ثنائي مع الجبهة، على المقعد السابع، وهو مقعد غير مضمون.
لم يبد الطيبي أية مرونة تجاه العرض الأخير الذي قدمه منصور عباس، كما لم يطرح على الإسلامية التنازل عن المقعد ال 13 المفترض لسعيد الخرومي أو أي صيغة أخرى في سبيل إعادة القائمة المشتركة والوحدة بين الأحزاب عوضا عن خوض الانتخابات بقائمتين منفصلتين، علما أن كلا من التجمع والجبهة تنازلا نسبيا، حيث تراجع تمثيل التجمع ضمن قائمة مشتركة محتملة ل 3 مقاعد عوضا عن 3.5 في الدورة السابقة، وكذلك تراجع تمثيل الجبهة ضمن مشتركة محتملة ل 4 مكان 4.5 مقاعد، وارتفع تمثيل الإسلامية بنصف مقعد، وكذلك ضاعف الطيبي من حصته من 1.5 مقعد إلى 3 مقاعد ضمن المشتركة في الأماكن الـ 14 الأولى، ورغم ذلك لم تفلح جهود إعادة تركيب المشتركة، التي خطط الطيبي على ما يبدو لتفكيكها سلفا.
وربما وهو الأصح أن محطة تفكيك المشتركة وعقد تحالفات ثنائية، كانت قد بدأت فعليا منذ أزمة التناوب، والذي تشكل فيه موقف مشترك بين الإسلامية والتجمع من جهة، مقابل موقف مشترك بين الجبهة والطيبي الذي أراد التمسك بالمقعد أولا من قبل أسامة سعدي؛ ولاحقا من قبل وائل يونس. وعمد الطيبي إلى إجهاض أي مبادرة حقيقية لإعادة تشكيل القائمة المشتركة، والتي تراجع فيها عن موقفه في 24/12/2018 في اجتماع الرباعية، والذي أبدى فيه ممثله أسامة سعدي رغبته في استمرار القائمة المشتركة، ولاحقا توصل لتفاهمات مع إبراهيم حجازي لآلية تركيب القائمة المشتركة، غير أنه عمد في 29/12/2018 إلى تقديم طلب الانشقاق عن القائمة المشتركة، ومن يومها قاد حملة ضد المشتركة واستمرارها، ضاربا عرض الحائط مبادرة لجنة الوفاق، ثم مبادرة رئيس بلدية الناصرة، علي سلام، ثم مبادرة اللجنة القطرية للرؤساء برئاسة مضر يونس، وأخيرا مبادرة د. منصور عباس الذي قدم موقفا متوافقا من قبل الأحزاب الثلاثة (الإسلامية والجبهة والتجمع) قبل لحظات من تقديم طلبات الترشيح الثنائية.
وكان قد تطلب التوصل إلى تحالف ثنائي بين الإسلامية والتجمع، نصف ساعة زمنية فقط، وكذلك ولد اتفاق الجبهة والطيبي ساعات قبل تقديم القوائم، رغم معارضة أوساط كبيرة في الجبهة لهذا الاتفاق، بل إن الجبهة بدت تيارين متنافرين حول هذا الاتفاق، فيما لم تفلح جهود بناء المشتركة على مدار شهرين كاملين.
وعقب سكرتير عام الجبهة، منصور دهامشة بالادعاء أن "عدم تشكيل القائمة المشتركة تتحمل مسؤوليته الأحزاب الأخرى، بعد أن قدمت الجبهة كل ما يتوقع أو غير متوقع منها في سبيل إعادة المشتركة، ولكن للأسف لم يكن هناك تعاون أو تجاوب من الآخرين. هذا يؤسفنا جدا، ولكننا اليوم أمام حقيقة جديدة، وعلينا أن نتعامل مع الواقع الجديد، والواقع الجديد أننا نخوض الانتخابات في قائمتين، واليوم صباحا أطلقت دعوة للأحزاب الأربعة التي تخوض الانتخابات لعقد جلسة تفاهم لإدارة انتخابات بشكل ديموقراطي محترم، وتنافس حضاري، والعمل معا من أجل رفع نسبة التصويت في المجتمع العربي، وهذه الرسالة أرسلت لكل من الإسلامية والتجمع والعربية للتغيير، وعلينا التعامل بمسؤولية وبطريقة حضارية لخدمة شعبنا".
عباس: قرار تفكيك المشتركة اتخذ قبل عامين
وعقب رئيس تحالف الإسلامية التجمع، د. منصور عباس قائلا:" بقينا كإسلامية موحدة وتجمع لغاية الساعة الأخيرة نعمل على توحيد المشتركة حتى بعد تشكيل قائمة الجبهة والتغيير. ولكن، للأسف، وكما يبدو فإن قرار تفكيك المشتركة اتخذ قبل عامين عندما تم إفشال التناوب والمماطلة في تنفيذه أكثر من سنة. وتبع ذلك افتراءات واتهامات للجنة الوفاق الوطني بهدف نزع الشرعية عنها لأنها المرتكز الحقيقي للقائمة المشتركة. للأسف شارك في هذه العملية أوساط في الجبهة وهو موقف معلن للعربية للتغيير، الذين اتهموا لجنة الوفاق الوطني بالنفاق، ورفضوا أي دور لها. وأخيرا اتخذوا قرارهم بالانفصال عن القائمة المشتركة، ورفضوا العودة إليها رغم كل التوجهات من مختلف الأطراف".
وقال المرشح الأول في التجمع، د. إمطانس شحادة: "نأسف جدا على تفكيك القائمة المشتركة وتحديدا في الظروف السياسية الراهنة والتحالفات بين الأحزاب الإسرائيلية. التجمع تعامل مع المشتركة كمشروع إستراتيجي يعكس فكره وبرنامجه السياسي وكجزء من مشروع مأسسة المجتمع العربي والعمل النضالي والسياسي".
وتابع شحادة "الأسف والغضب يتضاعفان بعد ظهور التحالفات الجديدة الذي جمعت بين الجبهة والطيبي حيث كان هناك خلاف بينهما، وكان رفض الطيبي لقائمة مشتركة برئاسة أيمن عودة من أبرز أسباب تفكك المشتركة".
وختم قائلا: "التجمع سيستمر في العمل الوحدوي الجماعي وفقا لمصلحة العرب في الداخل، ودفاعا عن حقوقه. من هنا كان التحالف الندي والطبيعي مع القائمة الموحدة الذي عكس احتراما وثقة متبادلة، وقناعة بأنه التحالف الوطني المسؤول والأوسع".
وقدمت الإسلامية والتجمع قائمها وفقا للترتيب الآتي: د. عباس منصور، د. إمطانس شحادة، عبد الحكيم حاج يحيى، هبة يزبك، طلب أبو عرار، مازن غنايم، سعيد الخرومي، محمد إغبارية، إيمان ياسين خطيب، عطا أبو مديغم، د. وليد قعدان وشيماء هنداوي.
أما الجبهة والعربية للتغيير فقدمت قائمتها للكنيست تحت اسم الجبهة والعربية للتغيير، وفقا للترتيب الآتي: أيمن عودة، أحمد الطيبي، عايدة توما سليمان، أسامة سعدي، د. عوفر كسيف، د. يوسف جبارين، سندس صالح، طلال القريناوي، جابر عساقلة ويوسف العطاونة.