الخميس 27 ديسمبر 2018 17:49 م بتوقيت القدس
رجّحت تحليلات، إثر الغارة الإسرائيلية الأخيرة في سورية، أول من أمس الثلاثاء، أن قدرة إسرائيل على الاستمرار في شن غارات في سورية شارف على الانتهاء. ورأى المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، اليوم الخميس، أن "القدرة الإسرائيلية على مهاجمة أهداف في دولة ذات سيادة، من دون الانجرار إلى حرب أو التعرض لعقوبات، انتهى"، وأن ما تصفها إسرائيل بـ"الحرب بين الحروب" قد استنفذت نفسها، لافتا إلى أنه "بإمكان شن الحرب بين الحروب طالما كانت هناك فوضى في سورية".
والمقصود بـ"الحرب بين الحروب"، بحسب المنطق العسكري الإسرائيلي، هو العمليات العسكرية المعلنة والسرية التي تنفذها إسرائيل ضد جهات خارجية وترمي إلى إبعاد الحرب والردع. ورأى فيشمان أن "هذه الحرب بين الحروب استنفذت نفسها منذ أن قرر الروس أن الظروف نضجت من أجل إعادة السيادة إلى الأسد. والروس يعتزمون الدفاع عن النظام ضد أية جهة تشكل خطرا عليه: إيران، إسرائيل أو تركيا".
وبحسبه، فإنه "في إسرائيل قرأوا هذه الصورة وبدأوا يدرسون التغيير الإستراتيجي مقابل سورية، قبل إعلان ترامب عن الانسحاب الأميركي من هناك. إلا أن الأحداث في سورية تجري بصورة أسرع من وتيرة اتخاذ القرارات هنا". واعتبر فيشمان أن البيان الروسي، أمس، حول انتهاك إسرائيل، بشنها الغارة في سورية، للسيادة اللبنانية وتشكيلها خطرا على الطيران المدني وخرقها القرار 1701، كان "المسمار الأخير في الوهم الإسرائيلي بأن الأمور ستبقى على حالها".
وتابع فيشمان أن الروس غيروا موقفهم من الغارات الإسرائيلية، التي قوبلت بالصمت من جانبهم، وأن المعادلة الروسية الجديدة هي أن "أي شيء يمس بالمصالح الروسية – التي تشمل استقرار نظام الأسد – خارج المجال. وبعد الغارة المنسوبة لإسرائيل أول من أمس في دمشق، أوضح الروس للإسرائيليين: تجاوزتم خطا أحمر".
وأضاف أن "كلا الجانبين بحاجة إلى بعضهما: الروس بحاجة إلى إسرائيل، التي بمقدورها أن تعرقل خططهم باستقرار النظام، وينظرون إليها كسوط مُهدد على ضوء التطلعات الإيرانية للتأثير على الأسد. ولإسرائيل مصلحة بأن يساعدها الروس على إبعاد إيران والحفاظ على الستاتيكو في الجولان. وفي فترة انتخابات، حيث ليس هناك رئيس حكومة قادر على إنشاء حوار مع الروس، والكابينيت أقل أهمية، وأصدقائنا في العالم لم يعودوا على صلة بسورية، بقينا مع اللعب بالنار".
"لبنان يجب أن يقلق إسرائيل أكثر"
اعتبر الجنرال في الاحتياط ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق، غيورا آيلاند، في مقال في "يديعوت أحرونوت" أيضا، أن "الجبهة اللبنانية يجب أن تقلق إسرائيل أكثر من الجبهة السورية. ورغم أن إيران تتطلع إلى تركيز وجود معاد لإسرائيل في سورية، إلا أنها ما زالت بعيدة عن ذلك، وفي المقابل استكملت نجاحها في لبنان".
وبحسب ادعاء آيلاند، فإن "لبنان تبدو وكأنها دولة مستقلة تنشط فيها منظمة إرهابية، حزب الله، لكن الواقع مختلف عمليا". وكرر آيلاند المزاعم الإسرائيلية بأنه "يوجد بين الحكومة اللبنانية وحزب الله اتفاق غير مكتوب وبموجبه الحكومة مسؤولة عن الشؤون المدنية، وحزب الله، الذي يعمل وفق تعليمات إيران، هو القوة العسكرية الوحيدة في الدولة، ويصدر الأوامر للجيش اللبناني حول مواقع انتشار قواته، وحزب الله هو الجهة الحصرية التي تقرر ما إذا كانت الحدود مع إسرائيل هائدة أو متوترة. وبكلمات أخرى، فإن إيران تسيطر على لبنان".
واعتبر آيلاند أن ثمة استنتاجين من هذا الوضع. "أولا، أن الروس أيضا، مثل إسرائيل، ليسوا معنيين بتعزيز مكانة إيران في سورية. والروس، المعنيون بمواصلة السيطرة هناك بواسطة حكم الدمية بشار الأسد، ليسوا مستعدين للسماح لإيران بالسيطرة على سورية مثلما سيطرت على لبنان، ولذل سيستمرون بالتسامح تجاه الهجمات الإسرائيلية في سورية، طالما أن الأهداف إيرانية فقط. وقد يكون الخطاب الروسي متشدد، لكن رد الفعل الميداني ناعم".
والاستنتاج الثاني بحسب آيلاند، هو "أن إسرائيل ملزمة منذ الآن أن تقول للعالم بصوت عال إنه إذا قررت إيران دفع حزب الله ضد إسرائيل، فإن هذا الأمر لن يقود إلى حرب أخرى بين المنظمة وإسرائيل فقط، وإنما إلى حرب بين إسرائيل ولبنان... وإذا نشبت حرب لبنان ثالثة، فإن إسرائيل ستهاجم دولة لبنان كلها، ولو كان ذلك فقط بسبب أن هذه الطريقة الوحيدة لضمان أن تكون هذه حرب قصيرة ولا تستمر 34 يوما مثل الحرب في العام 2006".