الاثنين 15 اكتوبر 2018 15:34 م بتوقيت القدس
تشهد البلاد ارتفاعًا حادًا في عدد حالات الإصابة بالحصبة، الآخذ بالتفشي بصورة لافتة خصوصًا في منطقة القدس، ما يؤرق المسؤولين الصحيين الذين حذروا من أن وزارة الصحة لم تنجح في الحد من انتشاره، إذ بلغ عدد حالات الحصبة المشخصة حديثًا 213 حالة، ما يرفع عدد الإصابات الإجمالي إلى 679، ما يشر إلى أن عدد الإصابات الجديدة بالحصبة في البلاد خلال عام 2018 الجاري، أعلى 20 مرة من عام 2017.
وتشير المعطيات التي أوردتها صحيفة "هآرتس"، اليوم الجمعة، إلى أن مركز الاعتلال الذي نتج عنه هذا الارتفاع اللافت في حالات الإصابة الجديدة بالحصبة يكمن في مدينة القدس، حيث سجل منذ بداية العام أكثر من 341 إصابة جديدة بالحصبة ما يفوق نصف عدد الإصابات بالمرض المعدي في جميع أنحاء البلاد مجتمعة.
ونقلت الصحيفة عن أحد أكبر الأطباء المتخصصين بالأمراض المعدية قوله إن مستشفيات القدس تستقبل يوميًا من 5 إلى 10 حالات إصابة جديدة بمرض الحصبة.
وأوضح الطبيب الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن الأطباء يبذلون جهودًا دون طائل، هم يعملون على تشخيص حالات جديدة وعزلها وتحديد جميع الأشخاص الذين كانوا ضمن الدائرة الضيقة للمصابين للفحص ما إذا انتقلت إليهم العدوى"
وأكد الطبيب أن الأطباء، على الرغم من كل ذلك، يقومون بعمل عبثي، إذ ليس باستطاعتهم مجاراة سرعة انتشار المرض".
وطالب وزارة الصحة بالعمل على إطلاق حملة توعية واسعة تدعو من خلالها الجمهور للتطعيم، وأكد أنه إذا ما تأخرت الوزارة في إطلاق حملة كهذه فسوف ينتشر المرض إلى مناطق أخرى.
يذكر أن الحصبة هو التهاب في المسالك الهوائية التنفسية يسبّبه فيروس معدٍ جدا، وهو مرض شديد العدوى ينتشر عبر الاتصال المباشر والهواء، ويمكن الوقاية منه من خلال تطعيم آمن وفعّال، لكن فجوات التطعيم تجعله من أكبر أسباب وفيات الأطفال في العالم. ومن بين الأعراض التي ترافق مرض الحصبة: الحمى، السعال، الزكام، تهيّج العينين واحمرارهما، أوجاع في الحلق، ارتفاع درجة الحرارة وطفح بشكل بقع حمراء تظهر على الجلد.
وكان جهاز الصحة التابع لسلطات الاحتلال الإسرائيلية قد أعرب في آب/ أغسطس الماضي، عن مخاوفه من تفشي مرض الحصبة في منطقة القدس، فيما أعلنت الطبيبة المسؤولة عن منطقة القدس، التابع لوزارة الصحة الإسرائيلية، قد أشارت إلى انخفاض معدلات التطعيم وزيادة عدد المصابين. وتم تنظيم حملة تطعيم تركز على المناطق غير المطعم، مع التركيز على بعض الأحياء الحريديّة، التي تشكل بيئة خصبة لتفشي العدوى، إلا أنه في الأسابيع الأخيرة حدثت زيادة في عدد حالات الإصابة التي تم تشخيصها في القدس.
وأشار مدير قسم الأطفال وأخصائي الأمراض المعدية في مستشفى "شعاري تسيدك" الإسرائيلي في القدس، يحئيل شليزنغر، إلى أن "المشكلة في المدينة تكمن في البيئة والسكان، وأن الأحياء الحريديّة بالإضافة إلى عدد من الأحياء الأخرى تعاني من الإهمال وقلة التطعيمات".
وأوضح أن معظم حالات الحصبة في القدس طاولت الأطفال الرضع الذين لم يتجاوز عمرهم الـ12 شهرًا ممن لم يتم تطعيمهم بعد، أو أطفال أكبر شنًا ممن لم يتلقوا التطعيم بتاتا أو أولئك الذين تقلوا الجرعة الأولى من التطعيم ولم يحصلوا على الجرعة الثانية
ووفقا لتصريحاته لـصحيفة "هآرتس"، قال شليزنغر إن "جزءًا كبيرًا من موارد الفرق الطبية يتم استثمارها في عزل المرضى وتحديد كل الأشخاص المحتلمين الذين انتقلت إليهم العدوى من دائرة المعارف الضيقة للحالة المصابة، حيث يتم الاتصال بهم وفحصهم لاحقًا، نحن نحاول ابعاد أي شخص يشتبه بإصابته بالحصبة عن البنايات الرئيسية للمستشفى، حيث أعددنا طريقًا التفافية تؤدي إلى منطقة العزلة مباشرة".
ولفت د. شليزنغر إلى أن الديناميكية التي ينتشر من خلالها هذا المرض كبيرة حيث تبدأ في بيئة ضيقة ومن ثم تأخذ بالتفشي بصورة غير قابلة للسيطرة، وأكد أن انخفاض معدلات التطعيم في بعض الأحياء في القدس لا ينبع بالضرورة من الإهمال، وإنما من نقص الوعي.
فيما أكد مدير قسم الميكروبيولوجيا السريرية والأمراض المعدية في مستشفى جامعة هداسا عين كارم، ألون موزيس، أن "الحالات المشخصة سوى عُشر هؤلاء الذين لم يتم تشخيصهم بعد"، لافتًا إلى احتمال ارتفاع الأعداد وتفشى العدوى بوتيرة أسرع وأكثر انتشارًا، وقال: "أنا مقتنع بأن عدد الحالات أعلى عشر مرات من عدد الحالات التي تم تشخيصها، ويستمر في الارتفاع".
فيما أشار مدير مستشفى شيبا الطبي في تل هشومير إلى أنه يوجد في البلاد أيضًا أشخاص تم تطعيمهم غير محميين ضد المرض، وأوضح قائلا: "هناك شريحة كبيرة من مواليد 1957-1977 الذين تم تحصينهم في وقت كانوا يعتقدون فيه أن جرعة واحدة من التطعيم كانت كافية، لذا فإن تطعيماتهم تعتبر جزئية وغير كافية". وقال إن وزارة الصحة تحذر "في المقام الأول المسافرين إلى أوروبا والبلدان الموبوءة، في حين يجب أن تركز في الوقت نفسه على السكان غير الذين لم يتلقوا التطعيمات اللازمة وتدعوهم لفعل ذلك في محاولة لمنع تفشي العدوى".
ودلّت المعطيات التي نشرتها صحيفة "هآرتس" على الارتفاع الحاد الذي طرأ على حالات الإصابة بالحصبة هذا العام، حيث وصلت عدد الإصابات عام 2013 إلى 49 وانخفضت عام 2014 إلى 5 وعادت لترتفع عام 2015 لتصل إلى 80 حالة، وانخفضت بصورة حادة عام 2016 إذ اقتصرت الإصابات على 9 حالات، فيما سجل عام 2017 34 إصابة جديدة.
في حين تجاوزت حالات الإصابة الجديدة في مرض الحصبة لهذا العام (2018) إلى 679 إصابة جاء توزيعها على النحو التالي: 122 إصابة في صفد، 27 إصابة في عكا، 74 إصابة في بيتاح تيكفا، 45 إصابة في تل أبيب، 22 إصابة في الرملة، و341 إصابة في القدس.