الخميس 10 مايو 2018 17:49 م بتوقيت القدس
أعلن مدير قناة الجزيرة القطرية ياسر أبو هلالة استقالته الخميس من منصبه بعد أربع سنوات على تعيينه في إدارتها.
ولم يذكر أبو هلالة أسباب الاستقالة، لكنه أوضح أنه قدمها للمرة الثالثة خلال عمله مديرا للقناة، حيث قبلها رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة الشيخ حمد بن ثامر بعد أن تم رفضها في المرات السابق.
كما صدر قرار صدر بتعيين “أحمد سالم السقطري”، خلفا لأبو هلالة في إدارة القناة، حيث كان يعمل نائبا للمدير لمدة أربع سنوات.
وتلا رسالة الوداع التي أرسلها أبو هلالة لزملائه في العمل وأعلن فيها استقالته.
نص الرسالة:
الأعزاء جميعا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
آمنت دوما بأن الصحافة مهنة ورسالة، وليست موقعا إداريا وامتيازات، سواء كنت مراسلا في صحيفة أم تلفزيون، مديرا لمكتب أم لقناة. تماما كالطبيب الذي يقدر نفسه من خلال خدمته للناس وتخفيف آلامهم وليس بمساحة سلطته عليهم.
اليوم لا أودعكم، فالجزيرة ليست وظيفة وساعات عمل ودواما وتراتبية بقدر ما هي روح لا تفارق الإنسان، وشراكة مع الشاشة على مدار الساعة. أغادر اليوم موقعا خدمت فيه وفق ما خططت له؛ أربع سنوات. فأي موقع يبلى مع الوقت والتجديد سمة المؤسسات الناجحة، والمهم ليس السنوات التي تقضيها في الموقع أو الحياة بل الأثر الذي يبقى.
العمل مع الجزيرة يستحق كتبا، وهو مصدر فخر وإلهام، وبهذه الكلمات لا أستطيع أن أفي التجربة حقها، لكنها واجب نحوكم، فما تحقق هو نتاج جهد تراكم عبر أكثر من عقدين أمام الكاميرا وخلفها، بذل فيه الكثير من العرق والدموع والسهر والتعب. وأنا مدين للفريق الرائع على مستوى القناة والشبكة الذي تحلى بالشجاعة والذكاء والكرم والتضحية والمهنية. وليس مثل أن تقود فريقا من هؤلاء.
تعبت في غضون سنوات الإدارة وأتعبت، وتحملت الكثير وتحملتم مني أكثر، وما أرجوه أن يسامحني كل من قصرت معه أو أسأت له فدعائي كل يوم “اللهم إني أعوذ بك من أن أزل أو أزَل أو أضل أو أضل أو أظلم أو أظلَم أو أجهل أو يُجهل علي”. آمنت دوما بأن الإنسان هو أغلى ما في المؤسسة، وحرصت وسعيت من أجل تحسين بيئة العمل ومزايا الموظفين ضمن وسعي وطاقتي وصلاحياتي وإمكانات الشبكة وقدراتها.
خلال السنوات الأربع حققنا الكثير، في أصعب الظروف السياسية والمالية التي مرت بها الشبكة. كان أقساها عام الحصار، فلم يبق لدى دول الحصار مزيد شر تعففوا عنه، واستهدفت القناة بالمكائد والمؤامرات، لكنها بقيت كما هي، وأحالت المحنة إلى منحة. وظلت الجزيرة الشاشة الأجمل والأجرأ والأكثر مهنية، وعجز خصومها عن منافستها وعن إغلاقها ولم يعد أمامهم غير الشتم والبذاءة. كانت أياما صعبة على قطر وعلى الجزيرة، والحمد لله أنها صارت ذكريات وحفظ الله البلد الطيب وشجرته الطيبة.
أتذكر في هذه اللحظة الراحلين الذين بقيت آثارهم، ركب الشهداء من طارق أيوب إلى علي الجابر. محمد الحوراني، أذكر محمود حسين في سجنه، أذكر محمد نور السارحين وقد قطعت يده فحمل الراية بالأخرى مواصلا المسير. أتذكر الأبطال الصامدين في مواقعهم في سورية واليمن وفلسطين والعراق وليبيا وغيرها من ساحات الصراع.
الرجل الحديدي هو الروبوت، الإنسان هش ضعيف “خلق الإنسان ضعيفا”، قبل أيام فجعنا برحيل ابن زميلنا محمد جليل علاو ابن أحد عشر عاما لم يمهله مرض السرطان أكثر من أسبوع. في مكتب بغداد وعمان حيث ذهب للعلاج سمعت بكاء الزملاء تماما كما بكاء الزميل.. “هي أشياء لا تشترى”، أتذكر يوم ودعنا ماهر عبدالله وأحمد الشولي.. تماما كما أتذكر زفاف الشباب والطفل الأول وتخرج أولادهم من الجامعات والمدارس.. هذه هي الشراكة الإنسانية التي تبقى مشاركة بالمشاعر فرحا وحزنا.
قدمت استقالتي اليوم، وهي ثالث استقالة أقدمها خلال عملي مديرا، وقد تكرم سعادة رئيس مجلس الإدارة الشيخ حمد بن ثامر بقبولها، وهو صاحب فضل في الأولى عندما عينني مديرا وصاحب فضل في الثانية عندما قبل استقالتي.
وسأبقى كما أنا من قبل ومن بعد صحفيا مؤمنا بالجزيرة مدينا بفضلها على المشاهد العربي عموما وعلى الصحافة العربية بخاصة. أبقى مع الجزيرة وتبقى معي فهي ليست موظفين على اختلاف مراتبهم وتخصصاتهم، هي ملايين المشاهدين الذين يثقون بها ويتوقعون منها الكثير.
وسأبقى ما حييت أنظر في عيون مشاهديها أرى شوقهم إلى الحرية والكرامة والعيش الكريم، بقدر ما أرى قهرهم وحزنهم. سنبقى خدما لهم فما نقوم به خدمة عامة كالتعليم والطب والمعلم لا يتقاعد وكذلك الطبيب. وهو يعمل متطوعا وموظفا لا فرق.
” وقل ربي أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق”. “بيدك الخير إنك على كل شيء قدير”
أخوكم ياسر علي أبو هلالة