الثلاثاء 12 ديسمبر 2017 08:43 م بتوقيت القدس
كتب المعلق جاكسون ديهل عن ملامح التشابه بين موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من المصادقة على الاتفاقية النووية التي وقعت مع إيران عام 2015 واعترافه بالقدس كعاصمة لإسرائيل.
وفي مقاله بصحيفة “واشنطن بوست” قال فيه إن الرئيس ترامب ورث شرق أوسط يعيش زلزال الحروب الأهلية وقضيتين هشتين: النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني والمشروع النووي الإيراني، وقام الرئيس باتخاذ قرارين مندفعين تعبيرا عن غرور غَيّر الوضع القائم، برغم توصيات فريق أمنه القومي. والسؤال كما يقول ديهل: إن كان الكونغرس والحلفاء الأوروبيون سينقذونه من ضربة كارثية محتملة.
ويضيف ديهل إن رفض ترامب المصادقة على الاتفاقية النووية مع إيران في تشرين الأول/ أكتوبر وقراره الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل في الأسبوع الماضي متشابهان إلى درجة مثيرة ويكشفان عن سياسته. ففي كل منهما قدم الكونغرس له سياسة تجبره على التجديد من أجل الحفاظ على التشريعين الصادرين عنه، وإلّا عرقل سياسات الولايات المتحدة الخارجية، أو عرض مصالحها للخطر في الشرق الأوسط .. وأبعد.
وفي كل حالة تردد ترامب وقال: إنه لن يفعل ما فعله باراك أوباما أو جورج دبليو بوش أو بيل كلينتون. ولم يخف سرًا أن هدفه الرئيس – بل الأول- أن يثبت اختلافه عن البقية وأنه أحسن منهم. وقال متفاخرًا إن “الرؤساء السابقين فشلوا في الوفاء بوعودهم” أما “أنا فوفّيت”. وحاول المستشارون له أن يقدموا هذه الدوافع المتهورة ووضعها فيما يشبه السياسة: محاولة تجييش الكونغرس والاتحاد الأوروبي لملء ما يرونه ثغرات في الاتفاقية النووية وخطة سلام شرق أوسطية تجلب الفلسطينيين والإسرائيليين مرة أخرى إلى طاولة المفاوضات. وكانت هذه مجرد جهود تجميلية.
ففي الحقيقة لم يخطط لا الرئيس أو أي من الإدارة لما بعد القرارات أو مواجهة تداعياتها، سواء كان عودة العنف في المناطق الفلسطينية أو توسع شقة الخلاف مع الحلفاء. وبدأت مظاهر هذا تحصل، فقد حصل وزير الخارجية المحاصر ريكس تيلرسون استقبالا جامدا عندما وصل إلى بروكسل ضمن جولة أوروبية. وشملت أوصاف الوزراء الأوروبيين قرار الرئيس الأمريكي بأنه “خطير جدا” و “كارثي”.
ويقول الكاتب إن العنف اندلع كما هو متوقع في الضفة الغربية. وعلى الأمريكيين أن يأملوا بعدم حدوث هجوم للمتطرفين يشبه الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي نظرا لانشغالهم في نزاعات المنطقة الأخرى. وأكد ديهل أن إيران هي المستفيد الأول من تهور ترامب. فستجد الولايات المتحدة صعوبة في مواجهة التأثير الإيراني في المنطقة ومن خلال تحالفات مع دول الخليج والأردن وإسرائيل، لأن التحالفات حتى التكتيكية منها انقسمت بسبب اعترافه بالقدس.
ويشير الكاتب هنا إلى دعوة الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله إلى انتفاضة جديدة. ولو حدثت فعلا فسيتم التخلص من حليف الولايات المتحدة محمود عباس وستتقوى حركة حماس الحليفة لإيران. ولكن المكسب الإيراني الكبير سيكون لو قام الرئيس بعملية تكسير ثالثة وهي تلوح بالأفق. فرفضه تجديد الاتفاقية الإيرانية منح الكونغرس 60 يوما تنتهي هذا الأسبوع الذي سيقرر إعادة فرض العقوبات من جديد على إيران أم لا.
وفي كانون الثاني/ يناير سيقدم لترامب قرار آخر يتعلق بموافقته أم عدمها بشأن تعليق العقوبات كما هي أم لا. ويخشى فريقه والنواب في الكونغرس والقادة الأوروبيون من إعلان ترامب قرارا لا يهدف منه سوى تركيز الأنظار عليه. خاصة أن المفتشين التابعين للأمم المتحدة قاموا أكثر من مرة بتأكيد التزام إيران بمبادئ الاتفاقية. وعندها سيجد نظام آية الله علي خامنئي نفسه أمام خيارين حلوي المذاق: التزام الاتفاقية وعزل الولايات المتحدة، أو استخدام إعادة فرض العقوبات واستئناف المشروع النووي. ولن يجد ترامب أمامه أي خيار بل الحرب التي لم تستعد لها بلاده جيدا.
وهناك حالة من التعجل داخل الكونغرس وبين القادة الأوروبيين لمنع كارثة جديدة. وقيل لديهل إن القادة الجمهوريين والديمقراطيين في لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس ناقشوا تشريعا محتملا مع مستشار الأمن القومي أتش أر ماكمستر ويتم من خلاله فرض بعض الضوابط على إيران لا تنتهك روحية الاتفاق الحالي ومقبولة من الأوروبيين، وهي عملية حساسة لا يمكن التوصل إليها. وقد يوازن هذا ويحد من موقف ترامب ويمنعه من تفكيك الاتفاق النووي من دون موافقة الكونغرس.
وقد يقبل الأوروبيون بالتعاون مع الإدارة الحالية من أجل وقف تطوير إيران الصواريخ الباليستية طويلة المدى مقابل عدم تفكيك ترامب الاتفاقية الحالية، برغم أن المشروع الباليستي ليس مشمولا بالاتفاقية. ويختم بالقول إن الجهود في الكونغرس وتلك المرفقة مع الاتحاد الأوروبي لترضية ترامب غير مسبوقة وقد تفشل. ولكن استعداد ترامب الذي أظهره وجهله وانتهازيته لتهديد المصالح الأمريكية والغربية يجعل من هذه الجهود مُلحّة.