الجمعة 08 ديسمبر 2017 08:38 م بتوقيت القدس
نشر موقع “تي آر تي وورلد” مقالا للصحافي الاستقصائي المقيم في قطر، ومؤلف كتاب “الحقيقة حول كامب ديفيد” و”الأوراق الفلسطينية” كلايتون سويشر، تحت عنوان “التضحية بالقدس من أجل التركيز على طهران”.
ويقول سويشر في مقاله، الذي ترجمته “عربي21″، إن “الولايات المتحدة وحلفاءها العرب عبّدوا الطريق أمام توسيع إسرائيل احتلالها لفلسطين، فيما جعلوا من القضية الفلسطينية ثانوية بجانب التهديد الإيراني للمنطقة”.
ويضيف الكاتب: “لهذا وصلنا إلى الوضع الحالي، القدس التي سرقت في وضح النهار، وذهبت وليس بانفجار، لكن بنشيج، حيث قام الحكام الديكتاتوريين غير المنتخبين بتأكيد موقعهم الخاص في قلوب السياسيين في واشنطن وتل أبيب”.
ويتابع سويشر قائلا: “خذ مثلا السعوديين المفترض أنهم (خدم الحرمين الشريفين) بقيادة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، البالغ من العمر ثلاثين عاما أو يزيد، والعنيد الذي يشعر في أعماق قلبه أن تحقيق فتنازيا سيلكون فالي في الصحراء أهم من مسجد آخر، خاصة أنه لم يدخله أبدا”.
ويمضي الكاتب قائلا إن “عرب الخليج يعانون من اختناق من (الحداثيين المؤيدين للغرب والمعتدلين) مثل (أم بي أس) كما يعرف ابن سلمان في الغرب، ممن تربوا على ألعاب (إكس بوكس)، وتغذوا على معلومات مصفاة يقدمها لهم مستشارون متملقون وأذلاء (وفي هذه الحالة شركة الاستشارات ماكينزي) وأميون في التاريخ الإسلامي يزعمون أنهم يمثلونه”.
ويقول سويشر: “من السهل تخيل (أم بي أس) وهو يجلس متربعا في واحد من مجالس قصره يتلاعب بمسبحته، ويومئ موافقا على ما يحاول جاريد كوشنر بيعه له في الساعات الأولى من الصباح، وبضاعة تتعلق بالصفقة النهائية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وكيف ستتابع الكتلة السعودية-الأمريكية-الإسرائيلية-الإماراتية الحملة الرئيسية ضد إيران، وكيف أن النتيجة ستكون تأمين ترامب لعائلة (أم بي أس) في الحكم ولسنوات قادمة، وأن الجميع سيصبح ثريا في الطريق”.
ويجد الكاتب أن “هدية من سياسي يتعرض لتحقيق جنائي لآخر هي تذكير مثير، إن لم يكن مهينا، للمكانة التي نزل فيها العالم العربي في عيون الأمريكيين”.
ويقول سويشر: “باختصار، فإن السعوديين والإماراتيين أكدوا التعليقات التي تطلقها مراكز الأبحاث المؤيدة لإسرائيل، التي تشير إلى أن دول (الاعتدال العربي) مهووسة بإيران، ولا تهتم كثيرا بالقضية الفلسطينية، وعلى الأقل في أحاديثهم الخاصة”.
ويشير الكاتب إلى أنه “مع توسع الاحتلال الإسرائيلي، وزيادة المعاناة الفلسطينية، قرر السعوديون أن يكونوا رأس حربة في محاولات تقارب غير مسبوقة مع إسرائيل وبشفافية واضحة، بأنهم سيحصلون على علامة نجاح من الكونغرس، الذي لا تستطيع إلا إسرائيل التأثير عليه”.
ويقول سويشر: “استمع لما قاله ممثل الإماراتيين في واشنطن يوسف العتيبة، الذي قال إن بلاده تريد (حكومات قوية علمانية مستقرة ومزدهرة) في العالم العربي، ويقدم السعوديون والإماراتيون أنفسهم على أنهم يقومون باتخاذ الخطوات كلها من أجل دفع بلديهما نحو (الاعتدال)، وما لا تفهمه الدولتان أن كلا من إسرائيل وأمريكا تبتعدان عن الاعتدال وتتحركان نحو اليمين، وقد فاز دونالد ترامب بناء على ورقة معاداة الإسلام وربح”.
ويبين الكاتب أن “كل شيء كان واضحا من خلال (حظر المسلمين)، الذي لم تعارضه الدول العربية، وبعد التحريض على الإسلام والمسلمين خلال الحملة الانتخابية دعا السعوديون ستيفن بانون وترامب والعصابة كلها إلى الرياض، والكرة المشعة في الرياض هي تعبير عن غياب الرجولة، فنقص القدرات العسكرية والاقتصادية والسياسية التي تشبه ما تملكه إسرائيل سمح للأخيرة بأن تدك غزة عددا من السنين، وتواصل بناء المستوطنات، وتقوم بتطهير عرقي بطيء للفلسطينيين من الضفة الغربية، والحصول على القدس بدعم أمريكي، ونسي بشكل كامل عام 1973 عندما أدمت الجيوش العربية أنف إسرائيل، وأجبرتها على الانسحاب من سيناء وأجزاء من مرتفعات الجولان، وكانت الوحدة العربية ووقف تصدير النفط وراء تحقيق هذا، ومنذ ذلك الوقت تحولت الأمم العربية إلى مهزلة”.
ويلفت سويشر إلى أنه “في عام 2017، الذي يقترب على نهايته، لم تتفق الدول العربية على شيء، فالإمارات العربية والسعودية تحاولان إقناع العالم أن قطر و(الجزيرة) هما أكبر التهديدات التي تواجه المنطقة”.
ويفيد الكاتب بأنه “في الوقت ذاته أقامت الدول العربية سلاما مع إسرائيل، وتركت خلفها أشقاءها وشقيقاتها الفلسطينيين، وتحاول مصر والأردن المواصلة دون إثارة تظاهرات جماهيرية، ويأملان أن ما تفعله إسرائيل وما لم تفعله لن يكلفهما حياتهما أو الدعم الأمريكي”.
ويتساءل سويشر قائلا: “بعد هذا كله، فدون الرشاوى الأمريكية للحفاظ على السلام مع إسرائيل على قيد الحياة، فمن سيقدم السلاح وغير ذلك من المساعدات للديكتاتوريين حتى يستمروا في قمع أبناء شعبهم؟”.
ويقول الكاتب: “وهذا ما يعيدنا لإيران، فالمزاج في هذه المنطقة من العالم أن كل طرف يحضر نفسه للحرب، خاصة بعد مقتل علي عبدالله صالح في اليمن، فالسعوديون والأمريكيون والإماراتيون والإسرائيليون وبقوة تقدمها بلاكووتر (اسمها الآن أكاديمي) يعتقدون أن الأمر مسألة وقت قبل أن يتحدوا لسحل إيران، وحتى لا تتسخ أيدي الإماراتيين والسعوديين في الحرب فإنهم سيعتمدون على الطيران الإسرائيلي والمرتزقة والمساعدات التي قدمها ترامب للاستخدام في الداخل”.
ويضيف سويشر: “لا تهتم بما قيل من أن الولايات المتحدة لم تصمد أمام وكلاء إيران في العراق وسوريا، وبحسب تفكيرهم فإنهم قد يصمدون الآن لو اتحد الأمريكيون والإسرائيليون والمتعاونون العرب”.
ويذهب الكاتب إلى أنه “في ضوء هذا، فإن التخلي عن القدس كان كضحية مؤسفة لجلب إسرائيل وتعاونها في الحرب، ومن المفارقة أن إيران، التي تدافع عن القدس، ستستفيد من هذه الخطوة في عيون العرب والمسلمين، كما يعد التخلي عن القدس انتصارا للجماهير العربية والمسلمة؛ لأن لا شيء يظهر فساد وإفلاس قادتهم مثل سرقة القدس”.
ويقول سويشر إن “المحزن أنه لا ترامب أو نتنياهو سيبقيان ليريا النتائج بعيدة المدى لما فعلاه من إشعال للنار”.
ويختم الكاتب مقاله بالقول إنه “بعد سنوات من الطائفية التي دفعت بها السعودية، فإن هناك حاجة لتوحيد الأصدقاء ضد الفكرة المشوهة، وهي أن قتل مسلم آخر أهم من الدفاع عن المقدسات الإسلامية، والقدس قد تكون المحفز”.