واصل الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاته على المسجد الأقصى، بهدف فرض سيطرته الكاملة عليه، دون الاكتراث لمشاعر المسلمين. فقد اعتقل صباح اليوم الأربعاء، ثلاثة من موظفي الإعمار من دائرة الأوقاف الإسلامية لمجرد أنهم رمموا أحد أبواب المصلى القبلي داخل المسجد الأقصى. وأمس الثلاثاء انبطحت مجموعة من المستوطنين وتمرغت بساحة المسجد الأقصى الشرقية، وأدت طقوسا تلمودية في ساحاته.
وقد حذر شيخ الأقصى، الشيخ رائد صلاح العالم العربي والإسلامي من فرض الاحتلال سيادته على المسجد الأقصى، وطالب وزارة الأوقاف الأردنية باتخاذ إجراء حازم ضد السلوك الذي ينتهجه الاحتلال تجاه هيئة الأوقاف الإسلامية وموظفيها بشكل خاص. 

وقال شيخ الأقصى : "لا زلت أحذر كل الأمة المسلمة والعالم العربي والشعب الفلسطيني، على صعيد الحكام والشعوب والعلماء، أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول أن يفرض سيادة احتلالية وحيدة على المسجد الأقصى المبارك، وكأنه لا يوجد هناك سواه في الأقصى، وكأنه لا توجد هناك هيئة أوقاف ولا وزارة أوقاف أردنية، وكأنه صاحب الأمر الوحيد في المسجد الأقصى، وبات يتعامل مع موظفي الأوقاف وكأنهم خاضعون لسيادته الباطلة". 

وأضاف الشيخ رائد: "بات يتعامل مع سائر المسلمين، رجالا ونساء، عندما يدخلون إلى المسجد الأقصى المبارك، وكأنهم خاضعون لسيادته الباطلة، ولذلك بات يستبيح لنفسه اعتقال موظفي الأوقاف، وبات يستبيح لنفسه اعتقال المصلين والمصليات، والمعتكفين والمعتكفات، والمرابطين والمرابطات، وكأنهم تحت نفوذه الوحيد الباطل في المسجد الأقصى. وأنا في تصوري إذا لم يكن هناك إجراء حازم من قبل وزارة الأوقاف الأردنية فسيستفحل هذا السلوك القبيح من قبل الاحتلال الإسرائيلي ضد هيئة الأوقاف وموظفيها بشكل خاص. 

وعن اعتبار قاضي محكمة الصلح في القدس المحتلة المسجد الأقصى مكاناً لليهود قال الشيخ رائد صلاح ": "الاحتلال الإسرائيلي خطى خطوة خطيرة جدا، عندما أعلن القاضي الإسرائيلي في المحكمة الإسرائيلية أن المسجد الأقصى المبارك مكان مقدس لليهود. فهذا يعني -وفق حساباتهم الباطلة-أنه لا يوجد مسجد أقصى باسمه ولا بشخصيته الاعتبارية كمكان مقدس كأولى القبلتين وثاني المسجدين".  

وختم شيخ الأقصى حديثه قائلا: "الاحتلال يتعامل مع هذا المكان وكأنه فقط "جبل هيكل" وفق اصطلاحاته الباطلة، ولذلك مرة أخرى أقول: إذا لم يكن هناك الرد الحاسم من قبل وزارة الأوقاف الأردنية فستزداد مظاهر الاستفزاز من قبل المستوطنين اليهود الذين لا يمارسون سلوكياتهم من عند أنفسهم، بل هم موجهون في سلوكياتهم من قبل الاحتلال الإسرائيلي". 

من جهته قال رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس وخطيب المسجد الأقصى الدكتور عكرمة صبري: "إن الاحتلال يحاول، من خلال إجراءاته وتعدياته المتكررة على المسجد الأقصى، سحب إدارة الأوقاف في الأقصى وتحويلها لصلاحياته".

وبين د. صبري في حديث  أن "منع الاحتلال ترميم أحد أبواب المصلى القبلي هو تعد على إعمار المسجد الأقصى الذي هو من مسؤولية لجنة الإعمار المنبثقة عن وزارة الأوقاف الأردنية".
وأوضح أن ما فعله المستوطنون، أمس الثلاثاء، من افتراش ساحات المسجد الأقصى الشرقية وأداء طقوس تلمودية فيها هو تعد خطير، يهدف إلى تهويد المسجد الأقصى، وهو جزء من سلسلة إجراءات الاحتلال الرامية إلى إقامة ما يسمى بـ "الهيكل" على أنقاض المسجد الأقصى.

والاحتلال-كما يرى د. صبري-يسير في خطوات ثابتة وممنهجة للانقضاض على المسجد الأقصى، بدأت في سبعينيات القرن الماضي عندما كانت جماعات قليلة من المستوطنين يقتحمون الأقصى، ثم بدأت هذه الجماعات بالتوسع، شيئا فشيئا، حتى أصبحت منظمات كبيرة مدعومة من قبل الحكومة الإسرائيلية، كما أن اقتحامهم للمسجد بات يأخذ طابعا أشد خطورة من السابق، فأصبحوا لا يكتفون بالاقتحام فقط بل تجاوزوا ذلك إلى الصلاة وافتراش أرضه.

 وبين الشيخ صبري أن الاحتلال بدأ يحضر لإقامة "الهيكل" على أنقاض المسجد الأقصى بشكل رسمي، إذ بدأت المنظمات اليهودية تعلن عن تدريبات للكهنة على كيفية الدخول إلى "الهيكل"، وكيفية أداء الطقوس التلمودية داخله وتقديم القرابين.

 وعلل رئيس الهيئة الإسلامية العليا جرأة الاحتلال بالفترة الأخيرة بشأن تعديها على المسجد الأقصى قائلا: "إن الاحتلال يستغل انشغال العرب والمسلمين عن المسجد الأقصى والقدس، وتغيير الوضع القائم (الستاتوكفو)، فهو يقتنص الفرص حتى يغير ما يستطيع تغييره قبل أن يستيقظ العرب من غفوتهم، ليقبلوا بالأمر الواقع".

وطالب خطيب الأقصى الحكومة الأردنية بالتدخل الفوري في صد الاحتلال عن المساس في المسجد الأقصى لأنها هي المسؤولة عنه رسميا، مضيفا أن عليها المباشرة باتخاذ اجراءات ملموسة على أرض الواقع كون الاحتلال لم يعد يأبه لخطابات الاستنكار والشجب.

كما وطالب جموع المقدسيين بشد الرحال إلى المسجد الأقصى وخاصة في ساعات الصباح، لإثبات أن المسجد الأقصى هو حق خالص للمسلمين ولا يحق للاحتلال أو غيره التحكم به أو السيطرة عليه.

الكلمات الدلالية : رائد صلاح, عكرمة صبري,